سجناء هربوا من بعبدا التحتا .. وفي بعبدا الفوقا، رئيس ليس مستعدا للفرار وفك أسر اللبنانيين .. ويطل الليلة على استقلال لم يبق منه إلا الذكرى.
فالمساجين أعدوا عدتهم عن سابق تصور وتكسير، أم عن غفلة من الحراس أو بحصانة من جهات فاعلة، فتحوا أبواب زنزاناتهم احجتزوا رجال أمن لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، تجاوزوا الإجراءات الأمنية المفترضة في محيط يجاور القصر الرئاسي المدجج بالأمن ونفذوا الهروب الكبير.
تسعة وستون موقوفا بجرائم مختلفة ومن جنسيات عدة كسروا باب الحبس، نفذوا انتشارا مجهول الجهات، خمسة منهم لقوا حتفهم باصطدام سيارة إجرة استقلوها بعد سلبها من صاحبها، أربعة .. سلموا أنفسهم بأنفسهم فيما قامت والدة أحدهم بإعادته إلى القوى الأمنية بيديها كي لا يستسلم للمصير المجهول، ولا يزال البحث جاريا عن إثنين وعشرين آخرين، ربما أصبحوا أبعد من إعادة التوقيف.
وفي انتظار وضوح ملابسات نظارة بعبدا، تتجه الأنظار بعد قليل إلى قصر بعبدا والى الكلمة التي سيوجهها رئيس الجمهورية ميشال عون إلى اللبنانيين لمناسة عيد الاستقلال. وصف الخطاب المرتقب بالناري وبالسقف العالي، فعلى من سيطلق عون النار؟، وقد رفض أن يضع توقيعه على مرسوم إقالة المدير العام المتلبس بتهمة انفجار نصف بيروت، وأي سقف سيخرقه وقد تحول إلى مفاوض سام لخاطر حقيبة وزارية؟، وهل يفضح من عرقل التدقيق الجنائي المالي؟، أم سيستل مجددا شعار “الحقيقة وحدها تحررنا” ويعلن الانضمام إلى فرقة تيار التدقيق الجنائي؟، أم سيقول للبنانيين “رايحين على جهنم”؟.
الاستقلال لا يبنى بالخطابات النارية ولا الرنانة، بل برجالات دولة لا بمغارة علي بابا والأربعين حرامي، بالبدء بالإصلاح والتغيير من داخل البيت العوني عبر رفع السرية عن كل التلزيمات والصفقات والحسابات من “الباب للطاقة”، وفتح دفاتر حساباتها من المعامل إلى البواخر، من أول وزير إلى آخر الغجر. وليكونوا قدوة لغيرهم من الوزراء، وإلا فإن الاتهامات والاتهامات المضادة بعرقلة التدقيق الجنائي المالي ليست سوى جعجعة بلا تدقيق، وتثبت بوجه التحاصص الشرعي أنهم كلهم ” دافنينو سوا” وأن المنظومة الحاكمة لن تعلق مشانقها بأيديها.
وهذا ما وضع النائب المستقيل سامي الجميل خطوطا عريضة تحته، من أن هذه السلطة “حولت مصرف لبنان إلى صندوق لها ثم رفضت التحقيق فيه، تلعبون اللعبة التي تجيدونها وتتقاسمون الأدوار بين سلطة ومعارضة، اليوم تتوزعون الأدوار وغدا تلتمون على بعضكم”.
وإلى المنظومة السياسية نفسها قال الجميل: “سلمتم بالتسوية الرئاسية القرار ل “حزب الله” بالتكافل والتضامن في مقابل فتافيت من السلطة وكراس من كرتون دمرتم الاقتصاد وأبرمتم الصفقات وعطلتم البلد وجريتموه الى الانهيار الكامل، وزرعتم أزلامكم في الإدارات التي حولتموها الى بؤر فساد”.
لم يسلم سلاح “حزب الله” من نيران الجميل فاتهمه بالتقسيمي وبحماية منظومة الفساد وبأنه نقيض السيادة والتعددية والاستقرار وختم بالقول: “نعم نحن نريد السلام”.
وسلام الجميل في زمن السلام، حمال أوجه.