IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار ”الجديد” المسائية ليوم الأحد في 2021/04/04

رياح الأردن أقلقت عروشا وحصدت أعلى نسبة تضامن عربية مع المملكة الهاشمية، التي كشفت عن خيوط انقلاب من نسيج أميري.

وبعد ليلة القبض على المجموعة المتهمة، وإبقاء الأمير حمزة بن الحسين قيد الإقامة الجبرية، خرج نائب رئيس الوزراء أيمن الصفدي ليعلن عن أول الخيوط الأمنية.. متهما ولي العهد السابق إبن الملكة نور، بالتواصل مع جهات خارجية ضمن مخطط لزعزعة استقرار البلاد، وأن من بينها اتصال وكالة استخبارات أجنبية بزوجة الأمير حمزة، من أجل ترتيب طائرة للزوجين لمغادرة الأردن.

وأظهرت التحقيقات الأولية بحسب الصفدي، أن هذه الأنشطة والتحركات وصلت إلى مرحلة تؤثر بشكل مباشر على أمن البلاد واستقرارها، لكن الملك عبدالله رأى أن من الأفضل التحدث مباشرة مع الأمير حمزة وأن “يتم التعامل.. في إطار الأسرة الهاشمية” لمنع استغلال هذه القضية.

والأردن الذي وصفته “رويترز” بأنه واحة للاستقرار في الشرق الأوسط المضطرب..اهتز على وقع “نيران شقيقة”، لكن جمر الانقلاب لم يتوهج في عمان بل تعداها إلى جهات أخرى.. عصبها إسرائيل وقد تتلاقى مع “محبين” للملك على جنبات الطرق.

صحيح أن الملك عبدالله استشعر خطر أخيه غير الشقيق منذ عام ألفين وأربعة، وسحب منه ولاية العهد في خطوة عززت قبضته على السلطة، والأصح أيضا أن الأمير الصغير أغضب السلطات بإقامة علاقات مع شخصيات ناقمة من القبائل الأردنية، وأبرزهم ما يعرف باسم الحراك.

أما الحقيقة الساطعة فإن الفساد في الأردن تشكو منه الطبقة السياسية الحاكمة نفسها، لكن هل كان هذا السبب وراء الحراك الأميري؟، على الأرجح فإن الإجابة تأتي بالنفي الجزئي لا الكلي، ويكفي أن رصاصة الانقلاب أطلقت من بندقية إدي كوهين الصحافي الإسرائيلي، الذي نشر قبل ثلاثة أيام تغريدة يشير فيها إلى محاولة الأمير حمزة بن حسين أن يكون ملكا في بلاده، وهو يحظى بشعبية كبيرة بين أوساط أردنية.

ولم تكن تلك الشرارة الأولى بل سبقها توتر علاقات أردنية- إسرائيلية تشمل الزيارات إلى الحرم القدسي الشريف والمياه المشتركة الشحيحة، ورفض الأردن الوطن البديل ووقوفه في وجه صفقة القرن.. وإعلان الملك عبدالله حينذاك، أن صداما كبيرا سوف يحدث إذا ضمت إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية.. ونحن ندرس جميع الخيارات.

وتوج الأردن الحرب الباردة مع شريكته في اتفاق وادي عربة بقرار هو الأجرأ.. منع بموجبه بنيامين نتنياهو في شهر آذار الماضي من العبور في الأجواء الأردنية، ليحط في دولة الإمارات كأول زيارة له بعد تطبيع العلاقات.

تراكمت اللاءات الأردنية في وجه إسرائيل، علما أن الطرفين يسيران على معاهدة سلام منذ عام أربعة وتسعين، وهذا التراكم قد يكون فتح شهية آخرين على تسديد الصفعات لدولة تمردت في محيطها.

ما شهده الأردن.. قد ينشده لبنان لكن عبر انقلاب الشعب على السلطة، بعد إهدارها الوقت وقتلها الزمن وانتظارها المسودة الحكومية تلو الأخرى، واليوم دخلت جريمة انفجار المرفأ شهرها التاسع.. وجريمة تجميد التأليف أبحرت في السادس، وعلى الرغم من ذلك فإن رئيس الجمهورية لا يزال ينتظر عودة الرئيس المكلف، جالسه ثماني عشرة مرة.. ولم تكن كافية للتأليف، حيث ناداه للعودة من دون أن يعلن موافقته الرسمية على التخلي عن الثلث الضامن المعطل.

والأمد في تمديد الأزمة قد يطول ويتشعب.. لا سيما مع بروز معلومات تكشفها الجديد عن زيارة يعد لها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل إلى باريس بترتيب من اللواء عباس ابراهيم، لكن الخطوط السياسية الباريسية لم تحسم مواعيدها بعد.

وفي الأثناء، فإن المباردات الداخلية لم تسقط بضربة عطلة.. لكن أحد أطرافها وهو البطريرك الراعي.. بدأ منذ يوم أمس وضع النقاط على حروف التعطيل، وهو لم يعد دبلوماسيا مع الرئاسة الأولى و “التيار الوطني الحر”، والقراءة في عظة سبت النور تقود إلى تسميته علنا “الجماعة الحاكمة” ومن حولها، الذين يتلاعبون بمصير الوطن. فمن هي هذه الجماعة الحاكمة طالما أن الرئيس سعد الحريري ما زال رئيسا مكلفا تأليف الحكومة، ولم يدخل السلطة التنفيذية بعد؟.

لا بل ذهب الراعي إلى أبعد من ذلك عندما سمى المعرقلين قصدا، وقصفهم بعباراتهم التي يستخدمها مثل: الدستور والكيان والهوية والمنهجية.. وغيرها من المصطلحات التي رماها التيار ورئيس الجمهورية في سوق التأليف.. وقال لهم بلغتهم: “كفوا عن الاجتهادات الشخصية في التفسيرات الدستورية، وعن البدع الميثاقية..أفرجوا عن القرار اللبناني والشعب”.