IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الأحد في 18/4/2021

على ارتفاع حرارة وصلت الى ست وثلاثين درجة مئوية، طار الرئيس حسان دياب إلى أول الغيث قطر.. الدولة التي فكت عنه حصارا طوق حكومته منذ تشكيلها.

ينضم رئيس حكومة تصريف الأعمال إلى رواد “شم الهواء”.. لكنه هواء برياح خمسينية ترافق سوء طالعه وتقود إلى حصيلة زيارات “شم ولا تدوق”. وعلى جناح رياح كنسية يغادر الرئيس المكلف سعد الحريري إلى الفاتيكان الأسبوع المقبل، ويمضي في روما ثلاثة أيام يتوجها بلقاء الحبر الأعظم البابا فرنسيس.

وسواء بطلعات الحريري أو بكسر حصار دياب، فإن الرئيسين يذكران العالم بأن لبنان ما زال بلدا على الخريطة، ولم يتعرض للذوبان بعد.. وإن كان في طريقه إلى التحلل. والزيارات الهوائية وإن جاءت بجرعات تذكيرية، فإنها تجرى على وقع الفراغ المدوي في تأليف الحكومة..

والصراخ الأكثر دويا في نادي القضاء الذي أصيب بجراح مبرحة، وغدا يتحرك مجلس القضاء الأعلى في اجتماع طارئ لبحث ملف القاضية غادة عون. وهو الذي كان قد حدد الثلاثاء موعدا للاستماع إلى قاضية جبل لبنان بعد تمنعها أربع مرات عن الحضور. لكن ما هو دور جهاز التفتيش القضائي الذي ناشدته وزيرة العدل وضع اليد؟.

في مضمون قرارته، فإن التفتيش القضائي له صلاحية رفع القرارات الظنية.. ويعطيه القانون حق الإقتراح على مجلس القضاء الأعلى اتخاذ التدبير المناسب بحق أي قاض، منها تطبيق المادة الخامسة والتسعين التي تتعلق بعزل قاض لعدم أهليته. وعمليا فإن التفتيش له رئيس وتسعة أعضاء يعملون تحت إشراف وزير العدل، والرئيس الذي يشغل هذا المنصب هو القاضي بركان سعد، الذي لم لا يشهر بطاقة نسب حزبية.. علما أنه محسوب في العرف اللبناني على “تيار المستقبل”.

وبركان سعد.. بات المطلوب منه اليوم أن يكون إسما على المسمى الأول.. بركانا في قرارات المحاسبة القضائية.. غير متأثر برياح سعد في السياسة المحلية. فالقضاء اليوم يترنح ويتقاعد ويدخن السيجار عن بعد.. ويحيل إلى الأدراج ملفات تمس بأمن المواطن حياتيا وماليا.. ولا يتحرك إلا بناء على استنابة صادرة من مرجعيات سياسية، إلى أن توزع العدل محسوبيات وليس أقلها ميزاني: فرع قضاء علي ابراهيم الموصول بمطرقة الرئيس نبيه بري.. وفرع قضاء غادة عون ببثه المباشر من قصر بعبدا أو ميرنا الشالوحي. وقياسا على ذلك تتوزع النيابات العامة في المناطق: ل- “تيار المستقبل”، و”أمل”، و”التيار الوطني”، و”الاشتراكي”. ليصبح “العدل أساس الملك السياسي”.

وإذا كانت غادة عون القاضية القضية اليوم.. فإن عدم ضبط الموازين في القضاء سيفتح الباب غدا على حالات أكثر تمردا.. وكل سوف يصفق له ناسه ومناصروه. ولما كان التفتيش سيتحرك، فليسأل في طريقه، ولو من باب العتب، على مصير التشكيلات القضائية التي طلع عليها العشب تحت أدراج بعبدا، وحجزها رئيس الجمهورية، بداية لأنها تشكيلات قصت جناح غادة عون.. وثانيا في انتظار إدخال قضاة جدد إلى المسرح القضائي، سيقسمون اليمين على تأييد “التيار”. ونصبح أمام سلك عدلي ممسوك من تحت إلى فوق.. وتتوسع رقعة السياسيين في احتلال التشكيلات.. ويحيا العدل.

واليوم، فإن القضاء يطلب العدالة بكف اليد السياسية، والبدء بتطبيق استقلالية القضاء عفويا، وبتطوع ذاتي من دون انتظار قوانين من مجلس النواب.. وتلك ستكون مواد الانتفاضة التي دعت إليها الوزيرة ماري كلود نجم. وإذا كانت بوابة التفتيش القضائي قد ذيلت في الأشهر الأخيرة بعبارة “مقفل.. بسبب الكورونا”.. فإن جائحة غير مستجدة تستعجله اليوم: فتح أبواب التحقيق على كل الجبهات، فهل سيثور البركان؟، أم ينفجر تحت الضغط السياسي؟.