أنتجت مكونات السبت السياسية: “جبران مع دبس الرمان”، في خلطة جمعت بين تهريب البضائع بمادة مخدرة، مع تهريب الحقائق مغلفة بتخدير دستوري.
وعلى زمن الإبادة الأرمنية، ارتفع جبران باسيل على جبل “ارارات”، غادة القضاء، فكانت “عونا” لمؤتمره الصحفي ورافعة سياسية قضائية للتيار، المنقب عن نقطة قوة كانت قد سقطت من العهد القوي.
ومن علو مرتفع، دحرج جبران كل الطرق المؤدية الى التأليف، وبحث في مخارج عدة تؤدي الى إسقاط سعد الحريري عن درج التكليف، ودفعه الى التنحي. واضعا كل الاحتمالات بالتصرف منعا لاستمرار الحريري بمهمته، وقطعا لطريق ستأخذه الى حكومة تصريف الأعمال.
وزع رئيس “التيار” مادة دستورية محدثة، سهت عن مؤتمر الوفاق الوطني في الطائف، فأدرجها بندا ملحقا يعطي للعهد حق الثلث المعطل. وهو أرسى مفاهيم جديدة لم تعد دستورية فحسب وبينها: أن القاضية غادة عون مستقلة، وأن باسيل يحارب الفساد في ملف البواخر، ومن مستحضرات التجميل أيضا أنه لا يريد الثلث المعطل، وأن المعرقل هو السعودية، وليس رئيس “التيار”.
هو لزم ترسيم الحدود الى رئيس الجمهورية المرسم الضامن، والذي أخضع ملف الحدود الى بازار دولي أميركي يبدأ من حقل كاريش ولا ينتهي بحقول باسيل، وتأمين مستقبله السياسي من خلف البحار.
ولأنه ضنين على حقوق المسحيين من أول مسيحي الى رأس الكنيسة، وفي نقد تصل مسامعه الى الفاتيكان التي استقبلت الحريري باهتمام كلي، فقد وضع باسيل صرح بكركي للمرة الأولى في دائرة الشبهات، في معرض دفاعه عن الثلث المعطل كحق للمسيحيين، قائلا “يا ريت سيدنا البطرك يقول هيك، لما ينقال بيوم من الايام إنو بطريرك الموارنة تنازل عن هيدا الحق”.
وفاعل الخير لم يستح ولم يمت في ملف البواخر ليغير زمانها ومكانها وتفاوضها، معلنا أنه هو من ألزم الشركة بغرامة الخمسة والعشرين مليون دولار، وهي الواقعة التي تسجل للرئيس نجيب ميقاتي، الذي هدد حينها بإلغاء الصفقة ورفض التوقيع ما لم تلحظ الغرامة. عندها استعجل وزير الطاقة على إدراجها منعا “لتبخر صفقة البواخر”.
وهذا الملف كاد أن يتسبب بإشهار إسلام المدير العام لإدارة المناقصات جان العلية، من شدة تضليل رئيس “التيار”، مستشهدا بآية من القران الكريم: “إلا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون”.
وفي مؤتمر الساعة تغدى باسيل الاتحاد الاوروبي قبل أن يتعشاه، ويحجز على سفره فطالبه برد الأموال المحولة من السياسيين. وتلك مهمة تلقى بمسؤوليتها على رئيس الجمهورية، أو أي جهة رسمية يمكنها مخاطبة الدول لاسترجاع الحقوق، وذلك على غرار ما فعل القضاء السويسري والمراسلات في قضية حاكم مصرف لبنان.
فاز رئيس “التيار” بمنصة غادة عون. قدم فض عروض في قضية تكليف الحريري، أله ميشال عون في ترسيم الحدود، نكأ البطريرك الراعي، هدد بالتحكيم الدولي في ملف الأموال. ظهر على صورة الوزير السابق الذي يعاني كبقية اللبنانيين، ويريد استرجاع حقوقه قبل أن “يلكم” سمير جعجع بصفعة ردت له سجلا “نازيا” على الورقة والقلم.
استحكم جبران بأخيه السابق غير الشقيق سمير جعجع، ومعادلة “أوعى خيك” التي سوقها التحالف المسحيي- المسحيي في تفاهم معراب، أدخلت اليوم “المحرقة” “والفرن” اللبناني، الذي قضى على كل عجينتها. ومنح رئيس “التيار” قائد “القوات اللبنانية”، CV حافلا متضمنا ارتكابات الحرب، متمكنا من رد عبارة “النازية” الى المصدر.
وعلى طنين “أنا ميشال عون” كان باسيل يعلن في مؤتمره عبارة: “أنا جبران باسيل”، وبين الأنا وأناها الثانية العابرة للجمهورية، ينفجر اللبنانيون وتتم محاصرتهم من العهد ومن “نترات الرمان”. وهي الأزمة المستجدة التي أربكت الدولة المهترئة ووضعتها على سلم أسئلة باحثة عن المصدرين.
ومن الكبتاغون المصدر الى السعودية، وصولا الى الحشيش في اليونان، وبضابطة سعودية على التوقيت نفسه، كان لبنان يدخل نفقا جديدا لا يعرف فيه، من أين تأتيه الضربات.
وأزمة التصدير ستتصدر اجتماعا طارئا دعا اليه رئيس الجمهورية يوم الاثنين في بعبدا، بحضور الوزارات المختصة لمعالجة التداعيات الناجمة عنها، لكن مثل هكذا معالجات لا تأتي بعد فوات الاوان بل بالترصد والملاحقة والتدقيق من المعابر الى المطارات، على طريقة تقصي الحقائق التي طارد فيها الزميل هادي الأمين، أكبر عمليات تهريب الأغنام وأدت الى وقف عملية التهريب، قبل خمس دقائق من إقلاع الطائرة.
هي بلاد المواشي السياسية على أنواعها، والتي ستجد تبريرات للتهريب على غرار ما بدأ يسلكه وزير الزراعة والثقافة الحيوانية، عباس مرتضى.