IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار ”الجديد” المسائية ليوم السبت في 22/05/2021

شيع مجلس النواب رسالة رئيس الجمهورية في موكب غير مهيب، وتقبل اللبنانيون التعازي بحكومة ووريت في الثرى. وبأركان حكم قتلوها ومشوا في جنازتها.

فمسرح الأونيسكو كان مرة أخرى خشبة لعرض سياسي بفصول مكررة..أسدلت ستارته على رسالة نيابية مرتجعة إلى رئيس الجمهورية، بأن مجلس النواب لن يعدل الدستور ولن يغير في وقائع سحب التكليف .. وقد استمعنا الى رسالتكم لكن: إذهبوا الى الشراكة مع الرئيس المكلف لتأليف الحكومة، ولا تكرروا المحاولة لاحقا.

وتحت هذه الخلاصة، كان “لبنان الرسالة” يحول جلسة الأونيسكو إلى منازلة سياسية، أعطت سعد الحريري منصة صواريخ من فوق الأرض استهدفت عمق بعبدا، والجلسة كانت لتختصر بمناظرة تلفزيونية بين جبهتي “المستقبل” و “التيار”، لكن الرئيس المكلف وضع يده على “الزناد” وبدأ بإفراغ مخزون أسلحته برشقة واحدة، وهو بخطابه عن مفعول رجعي مزمن، خاطب رئيس الجمهورية مباشرة ولم يخفض مستوى رسائله الى صف الرئيس الثاني، إلا عندما أراد الرماية من فوق الى تحت، وسهام الحريري أصابت في القصر مقتلا .. متهما الرئيس مباشرة بأنه أراد تبرئة ذمته من عرقلة تشكيل الحكومة لحماية بعض الحاشية والمحيطين والفريق السياسي، من عقوبات يلوح بها الاتحاد الأوروبي.

ولما فتح الرئيس المكلف على أول اتهام، فإن البقية كانت تأتي من دون مواربة وبإعلان صريح .. فنسب الى ميشال عون “خبرته بالتعطيل عبر السنوات، و”كرمال عيون مين” وصولا الى تعطيل حكومتي سبعة أشهر، وطوال هذه الأشهر فإن رئيس الجمهورية وضع الرئيس المكلف أمام معادلة مستحيلة: إما أن تشكل حكومة كما يريدها فريق رئيس الجمهورية السياسي منتحلا إرادة فخامته، وزاعما أن لا مطلب له.. وإما لا حكومة”.

وفي الاتهامات الى الرئيس ميشال عون أنه “يعطل الدستور وأن رسالته الى مجلس النواب اليوم ترجمت الى لغات عدة لإرسالها الى دول العالم” .. وقالها سعد الحريري بالفم الاختصاصي الملآن: “لن أشكل حكومة كما يريدها فريق فخامة الرئيس، ولا كما يريدها أي سياسي بعينه، ولن استجيب للعنعنات الطائفية ولست مستعدا لأكون شريكا في أي إخلال دستوري”.

والعنعنات التي تجاوزها الحريري.. سبقتها “نهنهات” جبران باسيل وظهوره على مسرح الأونيسكو في ثوب راهب أو ناسك سياسي، لا يطمح إلا الى العيش زاهدا بالمكاسب الوزارية وبالدنيا ومن فيها، فبينما احتلت اللغة المباشرة نص الحريري واضعا الإصبع على جرح التعطيل، كان النائب جبران باسيل يتسلل إلى خطاب مغلف بثوب التائبين، ومفخخ بكل شروطه المزمنة.

فجبران وفقا للنص، يريد الإسراع في تأليف الحكومة وإنجاز الإصلاحات، ورئيسه المفضل هو سعد الحريري و”ما في نقاش”.. و”التيار” لا يطالب بموضوع طائفي .. والحريري إذا أراد ألا يتكلم معنا فلا بأس لا مشكلة عندنا.. نحن غير متمسكين بأي حقيبة “خيي ولا نريد المشاركة” وقياسا على هذه التوصيفات فإن المتحدث أعلاه ليس جبران باسيل.. وجبران هو على متن النص نفسه الرجل التالي: مجلس النواب يحق له سحب الثقة من الحريري.. تأليف الحكومة يخضع لمنهجية رئيس الجمهورية، هو شريك كامل توزيع الحقائب خاضع لاستمارة تعبئة.. كل وزارة لها مذهب ومرجعية تسمية.. السقف هو الاسم والعمود هو توزيع الحقيبة على المذهب، ولا يمكن فصل السقف عن العمود، وكفى هروبا من إظهار المرجعيات..

الإسم له أب وصاحب ولا يأتي بالباراشوت، هكذا تتألف حكومات جبران باسيل.. والعناية الالهية وحدها تدخلت لتستبدل العمود “بالخوازيق السياسية”.. فرئيس “التيار” الانتحاري كاد يفجر نفسه في قاعة الاونيسكو ليكون فداء لتشكيل الحكومة، ولو أنه اقتدى بإرشادات الرئيس نبيه بري لأقدم على تنفيذ عملية انتحارية بأصولها العسكرية.. وأيضا فداء للبنان. على أن الانتحار هو في شكل الحكومة التي رسمها رئيس التيار.. توليفة يختارها السياسيون والاحزاب محشوة بكل ما في الدولة من محاسيب “وأزلام” ودمى سياسة متحركة عن بعد.. هذا تديره مرجعيته.. وذاك ينتعل حذاء زعيمه.. وآخرون يرتدون الاحزمة السياسية الناسفة للحكومات. وذاك النموذج من الحكومات هو من قامت عليه وضده ثورة تشرين..

أما الثورة الدستورية التي طرحها باسيل اليوم، فقد جاءت بدورها لتعطي رئيس الجمهورية حقوقا في بند تشكيل الحكومة.. وهو اقتراح تعديل دستوري يستقي معاناته من المرحلة الحالية.. فيمنح رئيس البلاد صلاحية في سحب التكليف من شخص يشبه سعد الحريري على وجه الخصوص. وقد استخلص باسيل ومعاونه رئيس الجمهورية فكرة التعديل من قلب الازمة الحالية.. فمثل هذا الاقتراح سيجعل من رئيس الجمهورية: “عون جونغ أون”.. الرئيس الأعلى الذي يطيح بكل من لا يشكل حكومة، بعواميد سياسية.