بعد الادعاء، بدأ العزف على القانون والمفسرة مواده وفق القاعدة الاثني عشرية طائفيا، مناصفة من دون مثالثة. لكن قرار القاضي طارق البيطار استحق جدارة القفز عن كل النقد والتسليف السياسي، وترك للمعنيين بالادعاء أمر تدبير أوراقهم للمثول والخضوع الى التحقيق مهما علت الحصانات..
ومن كان الحق معه لن يخشى إفادة او إدعاء ومساءلة. فجريمة بحجم تطيير مدينة تستحق تطيير رؤوس تراسلت وتخابرت وأهملت .. فليمثلوا، وبعدها لكل سياسي حديث. إذ أن المسار القضائي وحده سيعرب المسؤوليات ويضع النترات على الحروف.
وإذا كانت الروائح الطائفية قد طفت على سطح اتهامات المرفأ، فإن رئيسي الجمهورية والحكومة مسؤولان حكما، لكن الدستور يمنح رئيس الجمهورية حصانة شاملة بموجب المادة ستين، حيث لا تبعة عليه إلا في ما يتعلق بالخيانة العظمى، هو محمي بمادة دستورية. غير أن مواد الأمومنيوم التي انفجرت بعاصمة البلاد كفيلة بان ترقى الى جريمة تفوق الخيانة العظمى .. إلا أن القانون لن يجعل من الرئيس أكثر من شاهد في قضية.
وعلى الرغم من “العلم المسبق” للرئيس ميشال عون، فإن القاضي بيطار لم يحلق فوق بعبدا لا رئيسا ولا مستشارين او مجلس دفاع أعلى ينعقد دوريا في القصر الرئاسي، ويرأسه رئيس الجمهورية إلا إذا كان غد البيطار لناظره قريب .. وانه يعتزم استكمال الاستدعاءات وفق ما يظهره التحقيق.
وبتوزيع المسؤوليات، اختلطت اليوم الضربات السياسية الاستباقية بالمضمون القانوني والمسار القضائي ..فكل من له “تار” سياسي بدأ بتحصيلة من ساحات المرفأ بما يسبب تشويشا وعرقلة وتضييعا للقضية الأم، ولذوي الضحايا الذين ينتظرون حقائق وليس تذويبها بمعارك ذات مردود سياسي. ويندرج في هذه الحروب ما بدأ نشره منذ أربع وعشرين ساعة عن أدوار اضطلع بها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، وبينها ما رمي في سوق مالية محترقة من أخبار غير محترفة عن صكوك مصرفية اتضح أنها غير صحيحة، وبعضها أتى بقانون معجل بإسم الحرب على رئاسة مجلس النواب.
وقد تمكنت الجديد من الحصول على البريد الأمني السري لابراهيم، والذي سيظهر أنه أرسل برقية في السادس عشر من ايار 2014 الى من يعنيهم الأمر، بوصول مواد شديدة الخطورة الى مرفأ بيروت. فماذا فعل القضاء؟، ومرة جديد إن غد البيطار لناظره القضائي قريب إذ ان طلب محاكمة “قاضيين” اثنين مقصرين أمام محكمة خاصة بمحاكمة القضاة، قد يغير في مشهد التحقيق برمته.
وفي انتظار الوضوح، وعلى متن سفنينة لبنان الغارقة، فإن أزمة الكهرباء والمحروقات تنذر بحرب أقسى قد يلجأ اليها المواطنون، بعد أن اصبحت ساعات التغذية بمعدل ساعتين نهارا. المولدات لا تحتمل .. التيار الى تقنين قاس ..وطوابير السيارات دفعت بالمواطنيين الى الجنون.