تعددت الأشكال والموت واحد فعلى مسافة عام من أول الوجع رفع أهالي ضحايا مجزرة المرفأ التوابيت المحملة بالأرواح وأقاموا مراسم تشييع في شوارع العاصمة، وساروا بالجنازات حتى بيوت المدعى عليهم وحماتهم.
الضحايا ماتوا مرة وأهاليهم يموتون في اليوم ألف مرة، وهم اليوم لم يحملوا أجساد أحبائهم بل حملوا نعوشهم على أكتافهم ومشوا: يا قاتل يا مقتول.
تحولت باحة المبنى حيث يقطن وزير الداخلية محمد فهمي إلى مقبرة بلا شواهد، أما الشهود على جريمة العصر فكانوا جحافل الأمن ومكافحة الشغب التي تحصن خلفها فهمي، فيما أفسح في المجال أمام المجلس النيابي ليفسر مواد الدستور على هواه ويلعب بالوقت ليمتنع عن رفع الحصانات عن المثلث النيابي المدعى عليه علي حسن خليل نهاد المشنوق وغازي زعيتر .
تحت منزل فهمي كانت المنازلة بين ذوي الضحايا وعناصر الأمن ومفرزة المرافقة، حيث وقع التدافع عند سور المبنى لكن بعضهم استطاع اختراق الصفوف المدججة وتركوا نعوشهم وصور ضحاياهم أمانة في رقبة الوزير الذي توارى عن الظهور أمامهم.
اليوم بلغ غضب الأهالي ذروته على وقع هتاف ” الله معك يا بيطار “، في وقت أثبتت السلطة أنها عبد مأمور للفساد والقتل والموت المجاني على قارعة الدواء ومجمع الحليب وجموع الانتظار في طوابير الذل.
مشهد الأمهات المتشحات بالسواد جاء رسالة عابرة لكل معاييركم وحساباتكم، وعنده سقطت كل حصاناتكم والحساب آت لمعاقبتكم بإجماع الخارج، حيث لا صديق هنغاري ينفعكم ولا وسيط متعدد الجنسية يفك عزلتكم، بل إن خريطة طريق سقوطكم المدوي ترسمها أقدام عوائل الضحايا، وصرخات وجع يطلقونها ولا من يسمع في سلطة مجرمة مرتكبة تتلطى خلف حصاناتها قامرت بحياة شعبها وأوصلت ناسها إلى الدرك السفلي، وبات إجراء فحوص أهليتها في إدارة شؤون البلاد والعباد أكثر من مجرد مطلب بل صار لزاما على هذا الشعب أن يحجرها في جحورها، وأن ينزل إلى الشارع لمؤازرة أهالي الضحايا في تحركاتهم لا أن يتركوا وحدهم في مواجهة المجرمين وحماتهم.
ومسار اليوم يؤسس لانتفاضة تضامن مع القاضي بيطار ولثورة غضب على القتل تفجيرا أو جوعا، فهذه السلطة ستكشف عن أنيابها على مقربة يوم الآلام في الرابع من آب، وما على الناس إلا أن تخرج طلبا للثأر أما الإصلاح فلا يكون إلا بإلغاء الشعب للوكالة التي منحها لهذه السلطة القاتلة، اليوم لا كلمة تعلو فوق كلام الأهالي أما أنتم فاضربوا المواعيد في القاهرة أو في بعبدا وبين المقار وفي القصور، وقدموا تشكيلة تلو تشكيلة واقبلوها وارفضوها وادرسوها وقيدوا محاصصاتكم في سجلات عدلها، أما اللبنانيون فقد سئموكم وسئموا تشكيلاتكم وملوا الاعتذار وعدمه.
وفي مسار الفصل الأخير من التأليف فإن الرئيس المكلف يتجه هذا المساء الى القاهرة للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي صباح غد، على ان يعود طالبا الاجتماع في بعبدا برئيس الجمهورية ميشال عون ليقدم آخر تشكيلات الحكومة التي سوف يليها اجتماع بالرئيس نبيه بري قبل أن يعلن الحريري موقفه النهائي مساء الخميس عبر قناة الجديد .