إنها قيام الساعة وعقاربها حشر في مستشفيات لبنان حيث جمع المرضى في طبقات محددة لتوفير مادة المازوت في ظل أزمة تهدد القطاع الصحي وتلحق بها الأفران والمخابز فماذا بعد؟ في بلد يعيش على “موتير” موصول بجهاز تنفس بلا أوكسجين؟ وأصحاب الحل يعيشون في مجرة أورور فغالي التي لم تستطع متابعة موضوع شح المازوت بسبب عطلة عيد الأضحى. رئيس حكومة تصريف الانهيار طلب فتح تحقيق لكشف المتلاعبين والمحتكرين والجهة أو الجهات التي أخلت باتفاق حصل بين مصرف لبنان وأصحاب الشركات لتأمين حاجة السوق من مادتي البنزين والمازوت مدة ثلاثة أشهر. سلكت التحذيرات الممرات الرسمية وكان الله يحب المحسنين لكنها وبغياب الرقابة واستقالة الوزارات المعنية عن القيام بدورها جعلت من تجار الأزمات ملوكا على عرش لقمة عيش المواطن وصحته وحقه في الحصول على التيار الكهربائي فالبنزين متوافر في السوق السوداء والمازوت مخزن في عنابره بانتظار بيعه في أنابيب الصرف ومافيا المولدات ترفض تركيب العدادات وتأخذ المواطن رهينة العتمة الشاملة وتزيد صفرا تلو صفر على تسعيراتها.
على عين ما تبقى من دولة صرخ نقيب المستشفيات بأن حياة المرضى مهددة وعلى المدى المنظور لا أسرة للناس ولا علاج إلا للمقتدر ومثلما الأمن الصحي ينذر بكارثة، فإن الانهيار لامس المحظور ودق أبواب المؤسسات العسكرية والأمنية وما يحكى عن عمليات فرار من الجندية أصبح واقعا متأهبا.
عمليا دخل لبنان في موت سريري وأولياء الأمر السياسي يبحثون في جنس المسؤوليات على مشارف الرابع من آب ويتحصنون بتواقيع الذل على عرائض التنصل من يوم الحساب وبين مؤيد ومعترض ومنسحب برز موقف دستوري وقانوني يقول إن التواقيع المسحوبة لا تزال محسوبة إذ لم يتقدم أصحابها بكتاب رسمي لإلغائها وبمحضر يسجل في مجلس النواب. وأبعد من ذلك أضاف رئيس مؤسسة جوستيسيا بول مرقص إن القضاء الجزائي ينظر في الجرائم أما المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء واللجان النيابية فينظران في الإخلال بالواجبات وبالتالي نحن أمام جريمة ولسنا فقط أمام تقصير وإخلال بالواجبات وبالتالي إذا رفض المجلس النيابي رفع الحصانة فعلى المحقق العدلي أن ينتظر تأليف الحكومة ونيلها الثقة لأن المجلس حاليا في دورة انعقاد استثنائية حكما وبعد التشكيل ونيل الثقة لا تعود الهيئة العامة لمجلس النواب ملتئمة بدورة انعقاد وعليه لا حصانة ولا لزوم لرفع الحصانة.
إذا عند تشكيل الحكومة يمكن أن يلاحق المحقق العدلي القاضي طارق البيطار النواب من دون طلب رفع الحصانة فهل يكون مربض الخيل السياسي هنا؟ وهل نتجه الى تعطيل جديد؟ فقد ثبت بوجه التكليف السابق وعدم التأليف ثم الاعتذار أن لا أحد يريد تأليف حكومة واليوم فإن أولياء التعطيل ضربوا موعدا لاستشارات تقدم بورصتها نجيب ميقاتي الآتي من رئاسة حكومتين سابقتين والمرضي عنه في نادي رؤساء الحكومات السابقين. وفي معلومات الجديد أن التيار الوطني الحر أبدى امتعاضه من تأييد حزب الله لتسمية ميقاتي وذلك خلال تواصل جرى بين باسيل وحزب الله في حين أكدت مصادر لـ”الشرق الأوسط” أن المستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل اتصل برئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل فور اعتذار الحريري ولمح له بوجود قرار لدى دول الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على المعطلين، وكان رد فعله بأنها لن تقدم أو تؤخر ما دامت العقوبات الأميركية المفروضة عليه لا تزال سارية المفعول ما يعني أن باسيل سيبني على رفع العقوبات المقتضى والى الاثنين المؤهل للتأجيل فان اسم ميقاتي يطير بسرعة الصاروخ لكن وفق شروط بدأ يرسمها رئيس تيار العزم على قبول التكليف.