للمرة الاولى منذ ثمانين عاما تنهزم ألمانيا قبل منتصف الطريق وتتجرع كأسا مرة بعدما كانت سيدة كأس العالم ..
دموع من الرأس الى أخمص القدم ودعت المانشفت الالماني امام منتخب كوريا الجنوبية بنتجة اثنين- صفر .. والمصفقون هم اهل العصائب الخضر .. مشجعو البرازيل الذين أزاحوا من الملاعب أقداما من الماكينات عالية الاحتراف.
وعلى أرض الملاعب الحكومية في لبنان فقد “شاط” المألفون الحكومة من الثلاثين إلى حكومة الأربعة والعشرين وزيرا .. تنزيلات وسحق أسعار وزارية والكمية محدودة تسهيلا للتأليف المحتبس بين العقد. وأحد الأسباب الموجبة التي ولدت هذا الطرح التهرب الضريبي الوزاري والتحرر من الوعود المقطوعة لناس من ورق.. والتحلل من صكوك الملكية النيابية.. لكن تاريخ إنجازات الحكومات عبر العهود يقول إنه حتى حكومة الأربعة والعشرين كثيرة على هذا البلد فهذه الصين وطن المليار والنصف يمثلها ثمانية عشر وزيرا.. أميركا تحكم العالم بأربعة عشر وزيرا .. اليابان حيث مشرق الشمس والوطن الإلكتروني يديرها أربعة عشر وزيرا.. بلاد الإمبراطورية الرومانية إيطاليا منبع عصر النهضة تتدبر أمورها باثني عشر رجلا.. روسيا النصف الثاني للعالم وأكبر الأوطان مساحة يسيرها اثنان وعشرون وزيرا .. ألمانيا تشتغل ماكيناتها بستة عشر محركا.. وفي لبنان “بيقولوا زغير بلدي.. بالوزارات مسور بلدي” وإذا ما اعتمدت الحكومة المصغرة فإنها لن تكون سابقة في تاريخها حيث اختبر لبنان مرحلة الحكومة الرباعية عام ثمانية وخمسين في عهد الرئيس فؤاد شهاب وكانت تضم: رشيد كرامي حسين العويني ريمون اده وبيار الجميل ودامت هذه الحكومة حتى عام ستين مع إنجازات تضمنت وزارة التخطيط. غير أن الإنجازات بحد ذاتها لا تنتظر مواهب الوزراء أنفسهم بل هي أحوج الى الإرادة غير المتوافرة لتاريخه .. وهذا رئيس مجلس وزراء ماليزيا مهاتير محمد.
ضرب على الفساد بيد أخرجت كنوزا وحليا وخواتم .. وهو لم يكن بعد قد ألف حكومته لا بل إنه في وضعية الرئيس المكلف مهاتير العائد الى الحكم أعلن حربه على الفساد بإعلان أكبر عملية مصادرة في تاريخ البلاد، في إطار التحقيق في سرقات بطلها رئيس مجلس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق. فصادر أمولا ومقتنيات ثمينة بلغت قيمتها مئتين وثلاثة وسبعين مليون دولار من بينها كمية كبيرة من الجواهر والحقائب الفاخرة العائدة الى السيدة حرمه.
لدينا من عبد الرزاق ومن النجباء والأرصدة والكنوز وبائعي الخواتم ورجال السوء مع سيداتهم ما يكفي لفتح معركة تشبه ماليزيا لكنْ ليس لدينا مهاتير محمد .. ومع مطلع كل نهار يردد المسؤولون العبارات نفسها من أنهم متجهون فعلا نحو محاربة الفساد وآخرها ما أعلنه رئيس الجمهورية اليوم بإطلاقه تحذيرا شديد اللهجة قائلا “ليكن معلوما أن ساعة الحساب مع الفساد قد حانت لكن دقات هذه الساعة لا تزال بطيئة في انتظار تأليف أولى حكومات العهد التي يجري استطلاع بوادرها في اجتماع عون الحريري غدا في بعبدا”.