من حيث لا نحتسب جرى إنزال امني عسكري في بعبدا كان في عداده رئيس الحكومة ووزراء المال والدفاع والداخلية والعدل والاقتصاد والمدعي العام التمييزي ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية وقادة الأجهزة الأمنية.
وشكلوا جميعا مكونا امنيا سياسيا انعقد تحت لواء رئيس الجمهورية بمسمى المجلس الأعلى للدفاع والعناوين الرئيسة لهذا الإنزال الطارئ جاءت متشبعة ولم تكن بدواع طارئة إنما فرضتها مناسبة الأعياد المقبلة وضرورة استباقها بخطة لزوم الأمن الوقائي.
وفيما أبقي على المقررات سرية فإن ما تسرب من معلومات أكد نقاش المجتمعين في ظاهرة التحريض والاستفزاز الطائفي على مواقع التواصل الاجتماعي لكن هذه الظاهرة لم تكن محصورة بالمواقع بل خرجت الى الواقع واحتلت شوارع عدة من بيروت الى الشمال من دون أن يتدخل عاقل لضبطها.
وكان حريا بالمجلس الاعلى للدفاع ان ينعقد على هذا العنوان الذي داهم الأمن السياسي والأعلى أمنيا كان بالأسفل سياسيا حيث عقدت خلوة بين الرئيسين عون والحريري لم تتوصل إلى نتائج إيجابية في ملف التأليف الحكومي لكون هذا الملف قد اصبح في عهدة الوزير جبران باسيل المغادر إلى صربيا في زيارة رسمية تجارية اقتصادية وهو وضب الحقائب الوزارية في حقيبة سفره واتخذها رهينة عودته تاركا في بيروت ثلاث مبادرات لا يعرف أولها من آخرها.
وتتقاطع وزاراتها بين خطوط بيت الوسط وعين التينة وبعبدا كأرانب متناثرة رتب محصولها وأودعه لدى الرئيس نبيه بري وحتى لا يبقى البلد أسير عودة وزير فإن الطروح الثلاثة الفضلى هي من واجبات رئيس الجمهورية ويترتب عليه:
أولا:استدعاء رئيس الحكومة الى بعبدا وحجزه من دون تعذيب الى حين اقناعه بالتأليف
ثانيا: يبادر رئيس الجمهورية إلى تسهيل مهمة الرئيس المكلف عبر التنازل عن وزير من حصته والمقترح الثالث في حال تعذر هذين الخيارين هو إقدام الرئيس المكلف على إعلان تشكيلته الحكومة بمن حضر ومن دون وزراء حزب الله طالما أنه يؤكد جهوزية التشكيلة وعندئذ فلتذهب الأزمة إلى مجلس النواب في امتحان نيل الثقة.
أما بقاء الحال على ما هي عليه فلن ينتج حكومات وستظل البلاد اسيرة الاتهامات من ايران الى السعودية وحزب الله وأرانب طالعة واخرى نازلة مع وضع الشوارع على خطوط الاشتعال الطائفي والمذهبي وتعليق المشانق كما بدأ في بعض الأحياء اليوم.
فإذا كان هناك فعلا من يستشعر الخطر الداهم فلماذا الانتظار وما الذي يحول دون انعقاد مجلس أعلى سياسي يتحمل فيه الرؤساء مسؤولياتهم وينظرون الى الأزمة من بوابات الوطن وليس من نوافذ المحاصصة الوزارية التي ستهدم أسواره.