Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم السبت في 28/8/2021

فيما يغيب الرئيسان ميشال عون ونجيب ميقاتي عن التأليف، في عطلة ويك اند طبيعية لا تشوبها شائبة، فان الرصاص يخترق البنزين، والطوابير تتصل بالصفوف المرابضة على المحطات، والسباق الى التعبئة يوقع جرحى بالبارود والسكاكين. مشاهد عنف تندلع كلما رفعت الخراطيم قاماتها في محطات الوقود، ولم تكن بلدة العباسية آخر الاحزان، حيث يتسبب غياب الحلول بنزاع صار مسلحا ومسيلا للدماء.

يترك المواطنون لأقدارهم وبعضهم يعتمد على سواعده وما تيسير من رصاص وسلاح ابيض. اما الكميات التي تتم مصادرتها عبر الجيش والقوى الامنية، فهي اطنان غير مرئية، لا تصل الى الناس ولا يعرف اين تخزن مرة جديدة.

وعلى هذه الحال فان الاحتكار اصبح معمما “وعلى قفا مين يشيل”، لكن احدا لا “يشيل” ماكرا محتكرا من موقعه السياسي المغطى بطائفته الكريمة، ولو كانت نيات المحاسبة ميمونة، لما افلت “حسونة” ابن الربيع الازرق.

ربيع حسونة نقيب الصيادلة الأسبق، كشفت اوراقه قناة “الجديد” قبل سبعة اعوام، وقدمت ملفه الى الرأي العام، وعرضت وثائق وتسجيلات عن اجرائه عروضات خيالية على الادوية واستخدام منصبه باستغلال تام بهدف تسليع الدواء ثم احتكاره. واجهته “الجديد” بالأدلة، وكانت النتيجة ان تمت ترقية حسونة من قبل تيار “المستقبل” وترفيعه الى منصب مرشح في انتخابات العام 2018 تحرسه “الخرزة الزرقا زي ما هيي”.

من حاسب النقيب المرشح؟ لا القضاء تحرك ولا الرجل استحى ولا تياره خجل اليوم من مرضى سرطان يبكون العلاج، فيما النقيب المريب يخفي الدواء في مستودعاته. والربيع الازرق ليس وحيدا بين مواسم الاحتكار من احزاب وتيارات سياسية وعلى رأسهم صقر “القوات” المتواري عن الانظار. وليس لدى معراب اليوم متسع من الوقت لتهدره على معالجة مخزون الصقر لانها كلفت بمهمة افشال العهد، الفاشل من دون منتها.

ويجلس سمير جعجع على قلق كأن الرئاسة تحته، ويخطط “لدحرجة” ميشال عون عن درج بعبدا، بعد ان رفع معه انخاب الرئاسة على ادراج معراب. ينتظر جعجع الانهيار الكبير للعهد لكنه لا يتنبه الى كل اللبنانيين و”القوات” ضمنا سيكونون في الجحيم نفسه “وما بيصح الا الصحيح”. وبنتيجة اداء القوات صهريجا وصهرا، فانهم يمنحون العهد وباسيل مقومات البقاء.

وفي المنح السياسية والنيابية للحصانات، فقد كان تدخل الامانة العامة لمجلس النواب سافرا ويندى له الجبين، وليس صدفة ان يأتي نزع الصلاحية من القاضي طارق البيطار متواكبا مع اسطول دعم طائفي مذهبي اجتمعت حوله كل المرجعيات الدينية، وتماهى وموقف نادي رؤساء الحكومات السابقين المحميين بقانون صنعته ايديهم. وعلى الرغم من الخصومة التي تبلغ العداء احيانا بين هذه المكونات و”حزب الله”، فقد التقت المواقف مع بعضها في وجه قاضي التحقيق طارق البيطار، الذي بقي وحيدا لا يناصره سوى حق دماء شهداء مرفأ بيروت. وبالتوقيت المريب، كان الجميع يدفع نحو تطيير البيطار بقط أسود، أو بجن أزرق، أو بعفاريت قوس قزح.

وأبرز الحملات على المحقق العدلي صارت لازمة دورية عند كل خطاب للامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله. ومنذ ان سطر البيطار اولى مذكرات الاستدعاءات السياسية والامنية، رفع السيد نصرالله مضبطة اعتراض، وشرع حماية المطلوبين وطالب بكشف التحقيقات التي هي قيد السرية المطلقة. هجوم نصرالله على البيطار هو تمهيد لازاحة قاضي التحقيق والذي لم يعد امامه سوى الادعاء على اهالي الشهداء ليكتمل مشهد افراغ ملفه من مضمونه، فما شأن “حزب الله” بتحقيقات عدلية، ولماذا يطلب اليوم الافراج عن سرية التحقيق، فيما هو لم يسأل او لم يتمكن من فك اسر الملفات من التحقيقات العالقة بين ادراج القضاء.

وبين تهشيل البيطار وتطيير التأليف وحماية المحتكرين واستنفار الطوائف على سلاحها، لن يبقى بلد.