حصل الرئيس نجيب ميقاتي على اللقاح الفرنسي من رتبة ماكرون المعدل جنينا بشارل ديغول و” الفكسان الباريسي ” بجرعاته المقوية سيمكن رئيس حكومة لبنان من تخزين حصانة لأشهر قليلة يتبين فيها مدى استجابة طاقمه الوزاري لتنفيذ الإصلاحات ومحاربة الفساد والعمل “معا لإنقاذ الناس” وليس لانتشال الطبقة الحاكمة من تحت أنقاضها ،
أرادها ميقاتي بداية زاخمة افتتح بها عهده من بوابة الإليزية .. المقر الرئاسي الأول الذي غالبا ما يشرع دبلوماسيته لرؤساء الدول فأجرى اليوم تعديلا على برتوكوله ليستقبل رئيس حكومة دولة انبثقت وزارتها من الرحم الفرنسي وشكلا تدلل طويل العمر والباع وامتشق الحرس الفرنسي الى جانب رئيس دولة .. فكانت له مزايا نجيب الرابع عشر ودغدغ مشاعر ماكرون بالإمساك به إلى عالم شارل ديغول مطلقا الرسم التشبيهي لناحية تلزيمه وصية رئيس فرنسا الراحل الذي قال يوما :
” ما دمت في موقع المسؤولية، فلن أسمح بإلحاق أي أذى بلبنان”.لكن هذا التشبيه يأتي بفرق زمني وتاريخي لا يعد تفصيلا .. فديغول هو مؤسس الجمهورية الخامسة في فرنسا .. أما ميقاتي وشركاه فهم يعيدون إحياء جمهورية منهارة ومضمونا وفي الهواء الطلق غير الملزم فقد وعد ميقاتي بتنفيذ الإصلاحات الضرورية والأساسية في أسرع وقت، وتخفيف معاناة الشعب اللبناني وإنعاش الاقتصاد ومتابعة المفاوضات الواعدة مع صندوق النقد الدولي والبدء بإنهاء الأزمة ..
وجاء في حزمة الوعود تأكيده لماكرون إجراء انتخابات نيابية في الربيع المقبل ولأن ماكرون لا يصرف الكلام في الهواء بل على الورق فقد أعد لميقاتي خريطة طريق سماها أجندة محددة وقال له إن المجتمع الدولي لن يقدم مساعدات للبنان من دون إجراء الإصلاحات واستعادة الثقة بالنفس وهذه الإصلاحات فصلها ماكرون أنها في قطاع الطاقة ومكافحة الفساد وإصلاحات الإدارة والبنى التحية والتغذية وقال إن على لبنان أن يجري المفاوضات الضرورية مع صندوق النقد الدولي وسريعا، أما المساعدة الدولية فيجب أن تصل مباشرة إلى المواطنين ،
وسحب الرئيس الفرنسي استحقاق الانتخابات النيابية من فم الميقاتي ليلزمه إياها ويضعه عند وعده مطالبا باجرائها في العام المقبل ليتمكن اللبنانيون من الإعراب عن إرادتهم في العملية الديمقراطية ..ووضع ماكرون حارسا قضائيا على هذا الاستحقاق وهم الاوروبيون شركاء فرنسا وإذ صنف ماكرون مسار الخروج من الازمة وتطبيق الإصلاحات بالصعب رأى في المقابل أن هذه الطريق ليست مستحيلة لكنه أشرك ميقاتي مع أركان الحكم وقال : إنه طموح تتشاركونه مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري وكل القادة السياسيين اللبنانين ، وعمليا لم ينل ميقاتي سوى الوعد وخاتمته من الكلام المعسول : فأنا الى جانبكم لن أترك لبنان ولن أخذل لبنان ..الطريق طويل وصعب والمهمة صعبة ” ولم يكن رئيس الحكومة يريد أكثر من ذلك .. فهو سعى لانطلاقة مذهبة تأخذ بيده من الإليزيه إلى عواصم تفتح له بوابات موصدة هي تأشيرة عبور ” شينغن ” لكن سحبها أو إلغاءها مشروط بحزمة إصلاحات وامتحان دخول فأموال سيدر لن تكون هبة ولا كرما على درب ..وأول تفاهماتها يبدأ بصندوق النقد الدولي .
وقد تكون فرصة ميقاتي الوحيدة هي في تهئية مناخ دولي اقليمي قابل لهدوء العواصف
فلا ضربة على ايران .. ولا ترددات في لبنان .. وطرفا ايران واميركا الى مفاوضات العودة للاتفاق النووي .. فيما انخفض منسوب التوتر بين الرياض وطهران مع الانفتاح الخليجي التدريجي على سوريا ..وكل ذلك مهد العبور الامن لقوافل المازوت الايراني الى لبنان .. حيث لا عقوبات ولا من يعاقبون من الاميركيين . وعليه .. طريق دولية اقليمية معبدة امام ميقاتي .. فهل يعبدها الساسة اللبنانيون ببدء زمن الاصلاح واقتلاع الفساد من الادارة اولا ؟ ام تترحم فرنسا غدا على زمن الاحتفال برئيس خائب.