Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الأحد في 26 أيلول 2021

هبت رياح الانتخابات النيابية لتشلع معها حق المغتربين ترشيحا واقتراعا في أهم استحقاق ديمقراطي، وحكومة نجيب ميقاتي ستواجه في ثمانية أشهر صراعا على هذا الاستحقاق يفوق العمل للإنقاذ الاجتماعي والمالي والمعيشي. ومع بدء الدورة العادية لمجلس النواب منتصف الشهر المقبل سيكون المجلس أمام طرح تعديل قانون الانتخاب وإلغاء بعض بنوده، حتى لا تتعرض العملية الانتخابية بمجملها للطعن إذا ما تجاوزت النص، ومن بين المواد المرشحة للتطيير البطاقة الممغنطة والميغاسنتر أو الاقتراع في مكان الناخب، على أن الأبرز هو التوجه إلى شطب حق المنتشرين في الاقتراع والترشح معا بعدما كان القانون الحالي ينص على ترشيح ستة نواب للاغتراب، مع تسجيل الناخبين في السفارات والقنصليات في مهلة العشرين من تشرين الثاني.

وعلى هذا الحق يتنازع طرفا التيار والقوات لاستدرار الصوت المسيحي في الخارج، فيما يرى حزب الله أن عملية الاقتراع خارج أسوار لبنان لن تفيده بشيء في ظل العقوبات التي ستلاحق كل مناصر ومقترع ومرشح يؤيد خطه السياسي. وكان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم واضحا في مسعى النأي بالنفس الخارجي وتحييد مناصري حزب الله عن تجرع كأس التأييد العلني، فيما اجرى النائب محمد رعد مسحا انتخابيا في الداخل حاسما النتيجة، وقال: سيحاولون أن يعدلوا موازين القوى عبر دفع الأموال وشراء الذمم للسيطرة على الأكثرية المقبلة في مجلس النواب، لكن كل ذلك توهم منهم بأنهم يستطيعون تغيير المسار السياسي في البلد. حسم حزب الله الحواصل قبل بدء المعركة، وأبقى الصراع بين أربعة جدران، فيما التيار الوطني رفع إصبع التهديد ورأى رئيسه جبران باسيل أن حق المنتشرين دستوري وقانوني بالتصويت وبالتمثيل، وقال: قاتلنا سنوات لإنصافهم بالجنسية وبالانتخاب وليس لانتزاع هذا الحق على غفلة.

وبهذه الحواصل السياسية يبدأ كرنفال الانتخابات، وكل على سلاحه، وهي مرحلة ستحدد الطابع الحكومي في الأشهر المقبلة، ومنها سيولد فجر البطاقة المالية التي ستجري في مجاري الصرف الانتخابي لتعيد إنتاج طبقة سياسية مفلسة، فهل يتكون الفريق المعارض الموازي للانخراط في عملية التغيير الديمقراطي؟ وكيف ستتوزع هذه القوى؟ وأي دور لحكومة الميقاتي بين فريقين؟ وإذا كان ميدان المجتمع المدني في طور التحضير، فإن قوى الحكم تتحارب انتخابيا بأسلحة فاسدة قوامها التهريب والحصانات ونيترات الأمونيوم والحمايات، وكل فريق لا يختلف عن الآخر بشيء، ولن يستطيع استخراج سجل عدلي سياسي ناصع قبل الانتخابات، وهذه القوات اللبنانية التي كسحت زحلة في انتخابات عام ألفين وثمانية عشر، هي اليوم محاصرة بخزانات الصقر ومتسببة بالعتمة للمدينة في وقت أن الخاسر الأول في الانتخابات أسعد نكد يشكر إيران على مازوتها بعبارة “خوش أمديد”. ولا يختلف التيار والمستقبل عن القوات، لاسيما بحرمان عكار التي دفعوها إلى مصادرة الصهاريج يوميا، إلى أن انفجر أحدها في أبناء التليل وقضى من قضى متفحما ومحروقا وجريحا.

تلك نماذج عن أحزاب الطبقة الحاكمة المتفلتة من الحساب والقضاء، والرافعة شعار الحصانة للمرتكبين والمطلوبين لثالث أكبر تفجير في العالم، وهو عصف مرفأ بيروت. ستدخل السلطة الانتخابات المقبلة على صهوة نيترات متفجرة، لكنها في الوقت نفسه ستلاحق كل صوت يضيق عليها مساحتها السياسية، ومن بين هؤلاء: مغتربون يملك جلهم صوته المتحرر من أغلال الطبقة الحاكمة ومن أدوات المعركة الانتخابية، الحشو والتوظيف الزبائني الذي عبأ الإدارات الرسمية باثنين وثلاثين ألف موظف، وربما يعد بالمزيد، ومن هنا نبدأ.