حلق لبنان “بجناحه المكسور” في إكسبو دبي، بعد أن حجزت له دولة الإمارات مكانا بين كبريات الدول، وأمنت تكاليف مشاركته من الباب إلى المحراب. وما كان على لبنان إلا أن يعرض فخر صناعته الوطنية لزعماء قادوه بملء إرادتهم إلى جهنم ووضعوه في أسفل درك، وجعلوه دولة مفلسة ومارقة على خريطة الدول.
بعين الحسرة، تابع من تسنى له من اللبنانيين احتفالية الافتتاح، خصوصا وأن الأطفال غنوا we are the world، وكنا لنكون لو أن سلطتنا المهترئة لم تصنفنا شعب الطوابير وتحولنا الى رهائن للذل، وفرضت علينا تعتيما شاملا وجعلتنا أسرى المحميات السياسية والطائفية.
افتتح الجناح وزيرا الاقتصاد والسياحة في حكومة: معا للإنقاذ: وقالا في المناسبة ما لم يقله مالك في الخمرة، ومعهما المدير العام لوزارة الاقتصاد الذي أصيب بنور الإيمان فتحدث عن لبنان الإشعاع، وهذا اللبنان محكوم من مافيا مولدات صارت سلطة فوق سلطة ولا يعلو عليهاأحد، بعد أن لزمتها الطبقة السياسية إذلال الناس وخيرتهم بين العتمة ودفع الملايين لتأمين التيار الكهربائي، وأمثالها كثر من مافيات المحروقات والغذاء والدواء.
والمنظومة الحاكمة والمتحكمة برقاب اللبنانيين، ما كانت لتتمادى في القتل البطيء لو لم تجد في الشعب أرضا خصبة، على قاعدة كما تكونون يولى عليكم وأمام الشعب فرصة للتغيير مدخلها صندوق الاقتراع، ومن هذه البوابة بدأت الدول الغربية تبعث برسائلها بالمباشر عبر سفراء وموفدين أو بالمواقف العابرة للحدود، وآخرها تصريح لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان الذي قال إن “تأليف الحكومة في لبنان خطوة مهمة للنهوض بهذا البلد”، معتبرا أن “على الحكومة اللبنانية تنظيم انتخابات مستقلة وشفافة”.
وربطا بالموقف الفرنسي، يجري الحديث عن وساطة فرنسية مع السعودية لفتح أبواب الرياض أمام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وفي الوساطة يبذل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جهدا لإقناع المملكة بالنجيب، لكن ميقاتي وعلى الرغم من حجمه قادر على أن يقف خلف إصبعه ليقينه بأن السعودية تتهم الحكومة بأنها محكومة من حزب الله، وأن هذه الحكومة ستنتج انتخابات بأكثرية مملوكة من الحزب، وتمهد الطريق لمرشحه ساكن بعبدا الجديد.أما تغيير النهج الفاسد والمتبع في إدارة الدولة والمؤسسات فهو ضرب من خيال.
وإلى مطلب الانتخابات الشفافة، فإن عين الخارج تراقب التحقيقات في ملف تفجير مرفأ بيروت وتنتظر النتائج، وفي ذلك ترى أن ما يتعرض له المحقق العدلي طارق البيطار هو حرب استباقية عليه، من اتهامه بالمسيس إلى تهديده، أضف إلى ذلك تلغيم الوفد اللبناني المفاوض مع صندوق النقد الدولي بالمستشارين لانعدام الثقة بالوزراء المنتدبين.
وقد جرى تعيين هؤلاء المستشارين بمرسوم طيار غير قابل للعزل، في عهد المراسيم الاستثنائية التي ضربت رقمها القياسي، في حين يجري القبض على مراسيم الضرورة من التشكيلات القضائية إلى خفراء الجمارك وحراس الأحراج، ومعهم مرسوم الترسيم وإعفاء ثلاثة مديرين عامين موقوفين في ملف تفجير المرفأ من مهامهم. وكل هذه المراسيم تنام نومة أهل الكهف.