IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الخميس في 14/10/2021

ملعون من أي جهة كان وإلى أي طرف انتمى من نفخ الروح في مارد الفتنة. خمس ساعات في قلب الجحيم. قبضت على أنفاس اللبنانيين وارواحهم.

ومن دوار الطيونة دارت بهم الأيام سنوات إلى الوراء الدامي. إلى حرب الشوارع. وقناصة السطوح. وخطوط التماس. وقتل الأبرياء في منازلهم. والتهجير من حي إلى حي.

فلأجل الدماء البريئة التي سالت على الأسفلت السياسي. لأجل الأم مريم التي كانت تنتظر عودة أبنائها من المدرسة فأغمضت عينيها قبل أن تضمهم الى صدرها. لأجل الرعب الذي أبكى عيون طلاب المدارس وهم مختبئون تحت طاولات الدراسة. لأجل كل ضحية سقطت والعشرات ممن هم الآن يعانون جرح الخميس الأسود.. كفى قنصا سياسيا على شعب مثخن بالجراح.

خمس ساعات لم يهدأ فيها صوت الرصاص المصحوب بالقذائف. جاء كزخات مطر. أما رصاصة القنص الأولى التي افتتحت المعركة فضاعت بين أزيز الرصاص. وترك حل لغزها للتحقيق.

خمس ساعات أسفرت عن ست ضحايا وعشرات المصابين. دماؤهم في رقبة كل مسؤول في موقع المسؤولية. فاعلا كان أو مستترا أو محرضا.أو لاعبا على ” قنص” الفرص وكان يعلم.

بالدم المشهود فإن الضحايا هم من مناصري أمل وحزب الله وبرواية الجيش الأولى فإن هناك اعتداء تعرض له المعتصمون خلال توجه محتجين الى منطقة العدلية حيث أطلقت في اتجاههم رشقات نارية في منطقة الطيونة بدارو.

وعزز هذا الخط الناري وزير الداخلية بسام المولوي عندما أعطى إفادة لمصلحة المحتجين بعد اجتماعه بقادة الأجهزة الأمنية .

وفي إطار الرواية نفسها لكن مع تسمية الأحزاب بأسمائها اتهم بيان مشترك لحركة أمل وحزب الله القوات اللبنانية بالمباشر وقال البيان إن المشاركين في الدعوة إلى التجمع الرمزي تعرضوا لاعتداء مسلح من قبل مجموعات قواتية وهي التهمة التي نفتها القوات وردت أسباب ما حصل اليوم الى عملية الشحن الذي بدأه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ضد المحقق العدلي.

وهكذا فإنه من تظاهرة سلمية لحزب الله وحركة أمل رفضا للمحقق العدلي طارق البيطار كادت العقارب بفعل فاعل أن تعيدنا إلى الوراء. لكن الساعة ما كانت لتقوم لو لم يجر تذخير السلاح الفالت بالمواقف السياسية التصعيدية وبالفعل ورد الفعل.

والقضية لم تبدأ من محيط الطيونة وعين الرمانة بل من الاشتباك المسلح من جلسة مجلس الوزراء الأخيرة. حيث استحق وزير الثقافة القاضي محمد مرتضى.. لقب بطل العبور إلى التفجير. وهي مهمة أخذها مرتضى على عاتقه وهو المشهود له بلعب دور كبير في اللعب على وتر القضاء هو وغيره من القضاة الذين منحوا جوائز ترضية بالترقيات والتعيينات.

هذه الفرصة استغلها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عبر التهديد بشارع في مقابل شارع وتسخين الموقف وحشد القوى التي ادت ليلا الى رفع الصلبان لكن الأمور خرجت عن السيطرة وكانت الكلمة الفصل للنار.

وللتذكير بحرب كانوا هم عرابيها ورؤوسها المدبرة وأدواتها. ما جرى اليوم استثمر في السياسة كشارع في مقابل شارع ومفاعيله لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت في سياق مدروس لتطويع القضاء وجعل السلطة التنفيذية أداة لتحقيق الغاية في عزل القاضي طارق البيطار.

فمن يحصد الآن في معركة يدفع ثمنها الناس؟ وماذا جنى السياسيون جميعا من تجييش استمر أشهرا ؟ للمواطنين الحداد غدا..وللزعماء جولات أخرى من القتال والاستثمار. ولا شيء سوى ذلك حيث انهالت قذائف الآر بي جي على الرئيس نجيب ميقاتي وخرج سالما معافى.

أما رئيس الجمهورية فوعد بأن ما حصل سيكون موضع متابعة أمنية وأنه سيسهر مجددا على محاسبة المسؤولين والمحرضين وهي نتجية تساوي صفرا في التحقيق ما لم يتوقف الشحن السياسي المؤدي الى الفتن.

وما لم يعلن الجيش نتائج التحقيقات مع موقوفين فعليين يملكون ” حصانة ” القنص وإطلاق النار أو يعرفون من كان المبادر الى الشرارة الأولى.

فبيان الجيش الثاني جاء عائما متحدثا عن “إشكال وتبادل لإطلاق نار وعن اتصالات بالمعنيين من الجانبين لاحتواء الوضع ومنع الانزلاق نحو الفتنة. فمن هما الجانبان ؟ وعم أسفرت التحقيقات، والى أي جهات ينتمون ؟ ومن يضمن عدم الانزلاق مجددا الى خميس آخر دام؟

فليس المطلوب من المؤسسة العسكرية أن تعمل ” شيخ صلح ” بين طرفين. ويكفي أن تقدم للبنانيين حقيقة جلية: من جعل من الطيونة محورا اليوم. وهل كان هناك من قناصة على السطوح؟

وفي حال تعذرت الاجوبة فإن الحادثة ستحتاج الى تحقيق عدلي، لنبدأ من الصفر.