لا على التقويم الغربي لاحت بوادر خروج البلاد من عنق الزجاجة ولا التقويم الشرقي جعل عقارب الأزمة تتحرك باتجاه الحل. مع وقوف لبنان على مفترق طرق مصيري في شبكة الأزمات والاستحقاقات، أحيا الأرمن الأرثوذوكس عيد الميلاد، على رجاء أطلقه الكاثوليكوس آرام الأول لإيجاد مخرج من المأزق الراهن والخطر الذي يهدد بانهيار شامل. ولكم كانت صعبة مهمة السيد المسيح في الإصلاح لو أنه ولد على أرض لبنان الملأى بالخطايا والفساد.
فالمشهد السياسي بحد ذاته يقطع الأنفاس فكيف ببلد منكوب بزعمائه وبجائحة أردته صريع قطاعه الصحي المتهالك أن يقف على قدميه، في وقت تخطت فيه إصابات كورونا ومتحوراتها سبعة آلاف حالة، وقد تصل معها الأمور إلى ذروتها في المفاضلة بين مريض وآخر في استخدام أجهزة التنفس.
وما بين داع لطاولة حوار مفخخة بلامركزية مالية لغاية انتخابية، ومعطل لطاولة مجلس الوزراء، لم يفلح استعراض لقاء بعبدا الثنائي واتصاله الهاتفي بعين التينة في كبح الثنائي الشيعي عن جر البلد بسرعة قياسية نحو الدمار الشامل. بري حقق مكسب الدورة الاستثنائية بعد توقيع رئيس الجمهورية عليه، وحزب الله غير معني بما توصل إليه اجتماع بعبدا، ومعادلته لا تزال قائمة: المشاركة في اجتماعات الحكومة في مقابل رأس القاضي طارق البيطار.
وأمام هذه اللازمة، فإن الثنائي لن يفرج عن الحكومة ولن يشد مكابح الانهيار، ومصائب الناس إلى تفاقم، والهوة الاجتماعية إلى اتساع، ولولا مساعدات المغتربين وتحويلات المليارات، لكانت المجاعة دقت أبواب قواعدكم، فأصوات البيئة الحاضنة تعلو، وما كان يقال في السر صار يجاهر به في العلن، والتعطيل الذي بات موسوما بالثنائي الشيعي انعكس على كل اللبنانيين وخصوصا على مناصري أمل وحزب الله، وهم الناخب في تلك البيئة أصبح محصورا في حاصل لقمة العيش، فيما صوته التفضيلي لعيشه الكريم.
للمتسبب بالمآسي رأس واحد بأضلاع عديدة، من الأزمة السياسية والاقتصادية، إلى حكم المنصات ودولته العميقة، لكن، يد واحدة لا تصفق، والمطلوب من المعارضة ومن جميع اتجاهاتها وانتماءاتها وتياراتها وأحزابها ومجتمعها المدني، أن تتوحد ضد الثنائيات والمثالثات والأرباع في وجه استئثار الثنائي الشيعي وغيره من أحلاف السلطة.
أما القسم الصامت من الناخبين في كل المناطق، فستظهر نتائج صمتهم وأوراقهم البيض في صناديق الاقتراع حيث المواجهة الحقيقية. وعلى الرغم من تغني حزب الله بأنه لن يتأثر بنتائج الانتخابات، فإن العبء الأكبر عليه يبقى في تحالفه الانتخابي مع التيار الوطني. وعليه فإن الهروب إلى الأمام سيكون بتأزيم الأمور وتعقيدها لتأجيل الانتخابات، ما سيؤدي حكما إلى فرض عقوبات على المعرقلين، ولن يكون لبنان حينذاك في منأى عن حرمانه المساعدات الدولية.
والمأزق السياسي بالتدهور المالي يذكر، فحكم المنصات أطبق على العملة الوطنية وجعلها رهينة تفلت سعر الدولار على مرأى المسؤولين، والانهيار الحصل ما عاد يحتمل الاجتهاد والتبصير، وسكوت المسؤولين علامة رضا، إن لم يكونوا متورطين مع أشباح المنصات. فأقيموا الحد عليهم واعقلوا وتوكلوا.