IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الإثنين في 24/1/2022

قبل سبع عشرة سنة اختار والده تعليق العمل السياسي ..استودع هذا البلد الحبيب الله من دون أن تدمع عينه .. لكن دموعا سالت على استشهاده بعد أربعة أشهر .

اليوم استحضر وريثه السياسي العبارة الشهيرة .. وأودعها بيروت الحبيبة مرفقة بملح العيون.

سعد رفيق الحريري خرج من الدائرة السياسية والانتخابية بترتيبها الحالي وسحب تيار المستقبل من استحقاق أيار معلنا عدم القدرة على تحمل تسويات إضافية .

وفي الأسباب المعلنة التي أفرج عنها الحريري أن تسويات فرضت عليه، من احتواء تبعات السابع من أيار، إلى اتفاقية الدوحة وزيارة دمشق، وانتخاب ميشال عون، وقانون الانتخابات، وغيرها.

وكلها جاءت على حسابه لكنه كان يمنع بها نشوب حرب أهلية استعرض خساراته في الثروة والصداقات الخارجية وكثيرا من تحالفاته الوطنية وبعض الرفاق وللمرة الأولى يسمي ” حتى الإخوة ”

وقالها الحريري ببحصة سندت خابية واحدة : ولأنني مقتنع أن لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي، والانقسام الوطني واستعار الطائفية واهتراء الدولة، أعلن تعليق عملي في الحياة السياسية ودعوة عائلتي في تيار المستقبل لاتخاذ الخطوة نفسها وعدم الترشح للانتخابات النيابية لا من تيار المستقبل ولا باسم التيار.

وبقراره هذا وضع الحريري الانتخابات على المحك ..وهز عرش مواعيدها أو تحالفاتها إن حصلت ..وترك خلفه “محرومين ” في كل دائرة انتخابية أول من اقام تأبينا انتخابيا كان زعيم الجبل وليد جنبلاط.. فنعى الوطن الذي يتم اليوم وقال: والمختارة حزينة وحيدة لكن اليتامى أبعد من جبل واحد .. ويتسلقون جبالا وأودية من البقاع الى الشمال فبيروت وصولا الى الجنوب.

وقرار الحريري سيوزع خسائره على الحواصل .. سيربك الحلفاء ويصدم الخصوم .. فتعليق العمل السياسي كشف الغطاء عن الاصدقاء في الميدان الانتخابي ..وعرى كل من تخلى عنه وبمفعول رجعي وفي طليعتهم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع .

فمن غدر معراب .. إلى انقلابات جبران والصدمات الكهربائية لميشال عون وتعنت حزب الله وألبان بري المنتهية الصلاحية ..ورغبة جنبلاط في أكل عنب الإقليم السني وقطف أوراقه في بيروت .. كلها مسببات واقعية دخلت عمق قرار الانسحاب

لكن المسببات الخارجية ظلت حبيسة البحصة القديمة واكتفى زعيم المستقبل بذكر نفوذ إيراني وتخبط دولي من دون الاقتراب من نيران صديقة وهنا السؤال الذي يترك خلفه فراغا في الأجوبة .. هل تخوض السعودية معركة الانتخابات بفريق مواجهة علنية؟ هل تدعم شخصيات ومرشحين من خلف “السماالزرقا ” أم ستتابع سياسة النأي بالنفس ؟

وبأجوبة تقديرية عن واقع لبنان السياسي أن تاريخ السنة في لبنان هو مسار اعتدال وعروبة ولا يمكن تأليب هذا المكون أو تحريكه في وجه أي فريق آخر أما اذا قرر سنة المستقبل وكل لبنان لعب المعركة الانتخابية من أجل التغيير وعزل طبقات سياسية صدئه .. فإن لبنان قد يوضع على خطة الطريق السريع للهرب من بوابات جهنم ومن هذه القراءة يكون سعد الحريري قد دعم قوى مدنية من دون تبن علني .. وأتاح لدم جديد فرصة دخول الحياة السياسية

ولكن لتاريخه فإن الحريري قال كلمته ومشى الى أبوظبي مودعا هنا ألف سؤال وسؤال يتقدمها احتمال تطيير الانتخابات برمتها وستكون مقاطعة الحريري سببا لوضع المخطط التوجيهي للتأجيل ..لأن رئيس مجلس النواب لم يعد يملك الثلث الضامن للرئاسة السابعة ..فيما رئيس الحزب التقدمي صار رئيسا للحزن الانتخابي ..ووقائد القوات اللبنانية سمير جعجع بدأ يعد الاصوات السنية التي سيخسرها من كل حدب وصوب بعد نقمة الشارع السني عليه ..

فأي مستقبل للبنان .. بعد ان ختم الحريري البيت الازرق بالشمع الاحمر.