هو العالم الذي يتنفس من بئر عميقة ترابية ومظلمة.. ترقبا لإنقاذ الطفل المغربي ريان وعلى عمق اثنين وثلاثين مترا يصارع المساحون الطوبغرافيون والعمال بهدف إدخال أنابيب معدنية وخراسانية في عملية معقدة للانقاذ وصلت إلى مرحلتها الأخيرة.
ولليوم الخامس أصبحت شفشاون في طنجة المغربية عاصمة للقلق والأمل والصلاة وتضخ في ابن السنوات الخمس روحا ودعوات صمود وعمليات الحفر الجارية ببطء قد تنتشل ريان. وفي حال خابت الآمال فإن الدولة المغربية تكون قد بحثت عن طرق النجاة في كل حبة تراب موازية للبئر.. ولم تعدم وسيلة إنقاذ إلا واتبعتها بعناية مركزة.
وتحت أنظار المراقبة العالمية وريان ليس نبيا لكنه بمعاناته وجراحه وصبره وتمسكه بالنبض رأه الناس على سورة يوسف وقواه في جوف قعر عميق وبين ريان.. ولبنان.. إخوة يرمون الإخوة في البئر. ويتصارعون ليس للانقاذ بل للبقاء على قيد الحياة السياسية، وهو ما بدأت ترسمه خريطة الانتخابات النيابية على بعد ثلاثة اشهر ونصف من موعدها الرسمي، إلا إذا دخلت على هذه الخريطة عوامل التأجيل التي يولفها المتضررون في السلطة والمخاوف من تطيير الانتخابات، تقدمت بها القوات اللبنانية من خلال سؤالها عن إعادة طرح ملف اقتراع المغتربين والدائرة السادسة عشرة على جدول الدورة الاستثنائية لمجلس النواب.
تخوف القوات قد لا يكون وحيدا على ساحة القلق،. فهناك دزينة أسباب متاحة للسلطة للتأجيل تبدأ بخبطة أمنية ولا تنتهي عند التذرع بالميثاقية السنية أو اللجوء الى العصيان المدني الواقع فعليا في إدارات الدولة ووزارتها بفعل تغيب الموظفين عن الالتحاق بأعمالهم.
ولحين تدبير السبب فإن النزاعات السياسية المالية القضائية سوف تستمر على وتيرة تصاعدية وتحديدا بين رئاسة حاكمية مصرف لبنان والاخوين “عون” وبعد تقدمه لمرتين بطلب القاضية غادة عون وعدم امتثالها للتبليغ، تقدم حاكم مصرف لبنان اليوم برد إعلامي موسع عبر صحيفة الشرق الاوسط، مبددا الخوف من صرف الاحتياطي وقال: “نحن اليوم نتدخل في هذه الدولارات عبر صيرفة ولم يتم المس باحتياطي مصرف لبنان لإتمام هذه العملية حتى الساعة”.
واستهجن سلامة ما يروج له البعض لجهة أن المصرف المركزي بدد أموال المودعين قائلا: نحن لا نمتلك أموال المودعين لنبددها، هناك أموال أودعتها المصارف، وهي أموال أعدناها ونعيدها إليها وتحدث حاكم المركزي عن أسباب سياسية وعقائدية وعن مصالح معينة تقف وراء حملة اختصرت الأزمة اللبنانية بشخصه، واستثنيت كل مكامن الضعف التي أدت إلى الأزمة، وهو أمر غير منطقي، هدفه شيطنتي وتحويلي كبش محرقة على حد وصفه.