Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار “الجديد” المسائية ليوم الأربعاء في 09/02/2022

على درب طويل من الخط 23 إلى 29، وبأميال بعيدة عن طرح فريدريك هوف، وبمحادثات انبعث منها رائحة خطوط الغاز المصرية والكهرباء الأردنية، كان الموفد الأميركي آموس هوكشتاين ينقل الخطى بين العسكر والقيادات السياسية لتقديم طروح بدأ لبنان بدراستها وسط تكتم شديد الإحكام.

وللمرة الأولى يجري نشر عوامل إيجابية، بدأت من تغريدة للسفارة الأميركية في بيروت عقب الاجتماع مع قائد الجيش جوزاف عون، لكن العسكر لم يفت بالقرار وأحال أي موافقة على الطروح إلى المسؤولين سياسيا، على اعتبار أن قيادة الجيش عملت على حفظ حق لبنان وقالت رأيها فنيا وتقنيا.

وأجرى هوكشتاين سلسلة لقاءات اختتمها هذا المساء في عين التينة، التي أوضحت أنه جرى عرض لنتائج مساعي عملية التفاوض غير المباشر وفقا لاتفاق الإطار، وللبحث صلة على قاعدة التمسك بالحقوق اللبنانية والإطار المذكور هو طرح عائم لا يحدد أيا من الخطوط، بل يدفع باتجاه التفاوض وحسب، أي عودوا إلى النقاش السريع قبل أن تبدأ إسرائيل إجراءات التنقيب في آذار المقبل.

وعلى الجانب الرئاسي فقد ظلت الأمور بلا تسريب، ما خلا عبارتين قالهما الرئيس ميشال عون، معلنا أننا مستعدون لدرس النقاط التي طرحت انطلاقا من إرادة الوصول إلى حلول في هذا الملف. وهذه الإرادة بدا أنها بدأت تثمر مقترحات تردد أنها طرحت في لقاءات الموفد الأميركي مع المسؤولين اللبنانيين، وبينها بحسب موقع “180 بوست” استبعاد التطبيع ووقف الحديث في أرقام الخطوط، وبدء البحث في الحقول النفطية على قاعدة: لا لبنان ولا إسرائيل يقبلان شراكة في أي حقل غازي ونفطي، على ألا تنحصر الحقول ب”قانا” و”كاريش” إنما بكل الحقول في المنطقة المتنازع عليها.

ومع تحديد كل الحقول في المنطقة المتنازع عليها، تجري عملية توزيعها بالاتفاق عبر الوسيط الأميركي الذي يقدم مقترحا عمليا للتوزيع كجهة ضامنة، واستنادا إلى مصادر رسمية لبنانية، فإن المقترحات وضعت على مشرحة البحث، لكن تبقى الأزمة عالقة في ما بين المسؤولين اللبنانيين أنفسهم. فما الذي سيجمع عون على بري فميقاتي والقيادات الأمنية إذا كانوا لا يلتقون على موازنة ولا تشكيلات أو تعيينات ولا خطة تعافي، ولم يتوحدوا حول المفاوضات مع صندوق النقد وقدروا الخسائر ووزعوها كل حسب رؤيته العقائدية الفذة.

واليوم فإن الثروة التي تشكل فرصة الإنقاذ للبنان سيتم تبديدها في صراعات المواقف وبتعيين خفير سياسي على كل بلوك نفطي وكل زعيم على بئره صياح، إذ ستشكل الحقول النفطية مادة “خام” للاستثمار في الحقول الانتخابية ولن تجمعهم آبار الدنيا، بل ستكون عملا إضافيا للنزاعات على تقسيمها ليس وفقا لمصلحة لبنان بل تبعا للحصص المتعارف عليها تقليديا وبمبدأ الحفاظ على حقوق لبنان فوق المياه وتحتها، وعدم التفريط بنسمة غاز واحدة لصالح العدو، والتشبث بما رسمته قيادة الجيش وانطلاق التفاوض من موقع قوة، قد يصبح لبنان بلدا نفطيا بالعين المجردة وليس بالمناظير الرئاسية التي اشتمت رائحة النفط عن بعد آلاف الأميال. هو حقنا، بوسطاء أو من دونهم، أما البطولات الوهمية فلن تصنع إلا نفطا وهميا وهذا الحق يؤخد من دون سلام وتطبيع واستثمار ولن يعود ريعه إلى وكالات حصرية اعتادت بيع صكوك الجمهورية.