مؤتمر ربطات العنق الأمنية في ميونيخ، آخر ساعات التفاوض في فيينا، وقرقعة رسائل الحرب في دونباس الأوكرانية. ملفات تداخلت كالأوراق الواحدة، وتحول مؤتمر الأمن على الأراضي الألمانية إلى منشورات رميت فوق روسيا، لتحذرها من خطر غزو جارتها، مع تهديدات بالعقوبات.
غابت موسكو عن الحدث، لتنفرد أوكرانيا بالمشاركة، ممثلة برئيسها فلاديمير زيلينسكي، الذي أدلى بشهادته أمام حلف الناتو، السبب الرئيسي في تأجيج الصراع.
وللبنان من ميونيخ دردشات على هامش الحدث جاءت بين وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حيث جرى الاتفاق على استكمال البحث خلال الزيارة المرتقبة للوزير الفرنسي إلى بيروت قريبا جدا.
وحضر الملف اللبناني في لقاء لودريان وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن، لكن من ضمن سلسلة من القضايا تبدأ بأوكرانيا ولا تنتهي عند مالي ومنطقة الساحل وملف إيران النووي، وأخيرا لبنان. لكن الأخير في المؤتمر الأمني كان الأول أمنيا لدى إسرائيل، التي انهمكت في يوم سبت ديني بتشريح داتا المسيرة التي أطلقت من جنوب لبنان إلى الجليل.
ووفق تقييم الإعلام العبري، فإن دخول الطائرة المسيرة “حسان” الأجواء الإسرائيلية كانت محاولة ناجحة لحزب الله. ونقل إعلام العدو عن مسؤول عسكري قوله: إن “رد إسرائيل على مسيرة الحزب كان مبالغا فيه”. أما الحزب وعبر قياداته السياسية والنيابية، فقد أكد أن من يتحدى “حزب الله” سينهزم ويكسر في أي مكان، كما قال رئيس المجلس التنفيذي السيد هاشم صفي الدين، فيما أشار النائب علي فياض إلى أن معادلات الردع للعدو باتت تغطي البر والبحر والجو.
لا يجادل أحد الحزب برا وجوا، لكن ماذا عن صمت البحر وترسيم الحدود الذي قضم الخط 29 وانخفض إلى ما دون ثلاثة وعشرين؟، صمت الحزب حيث تقدمت مجموعة “الشعب يريد إصلاح النظام” وسلمت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية استدعاء مقدما من الدائرة القانونية للمجموعة، تطلب فيه إفادتها خطيا عن صحة التصريح المنسوب إلى رئيس الجمهورية في قضية ترسيم الحدود البحرية، وتنازل لبنان عن ألف وأربعمئة وثلاثين كيلومترا مربعا من أرضه للعدو الإسرائيلي، وإفادتها عن السند القانوني المتذرع به الخاص فيه لاتخاذ المقتضى القانوني المناسب.
لكن رئاسة الجمهورية أهملت الرد في المرسوم، وفي توجيه رسالة إثبات حق إلى الأمم المتحدة، وتركت الملف إلى التسويات السياسية، فهل سترد على مجموعة حقوقية لبنانية؟، لا يبدو أنها معنية سوى بترسيم حدود جبران باسيل كثروة للأجيال الرئاسية الطالعة، ولم يعرف إلى اليوم ما الذي يضيرها إن خطت رسالة إلى أعلى مرجعية دولية، فلبنان الرسمي يهمل حقه على المنابر الدولية والعربية معا.
وكما صمت “حزب الله” عن خسارة الكيلومترات البحرية، كان غياب المطالبة بالحق عن كلمة الرئيس نبيه بري في القاهرة والذي استفاق على أم كلثوم “إنت فين والحب فين”، ولم يغن على موال الترسيم اللبناني “إنت ما بينك وبين الحق صخرة”، كما فعلت الصومال التي حصلت على ترسميها بورقة جلب من محكمة العدل الدولية، فهل يفعلها لبنان؟، أم يمضي الرؤساء في صمتهم لحين التنقيب عن حقيقة بيع الثروات؟.