Site icon IMLebanon

مقدّمة نشرة أخبار “الجديد” المسائيّة ليوم الأحد 29/05/2022

باحة المسجد الأقصى هي حائط مبكى سياسي للمسؤولين الإسرائيليين، وباب العامود كان عامودا لتعليق الأزمات الداخلية عليه. أما مسيرة الأعلام، فليست سوى محفل عنصري استفزازي، حديث النشأة، لا يدخل قاموس الطقوس والديانة اليهودية. هو يوم احتلته إسرائيل بعيد اقتطاع الجزء الشرقي من القدس عام سبعة وستين، ومنذ عام سبعين، بدأت تسيير هذه الذكرى في التاسع والعشرين من أيار في كل عام، احتفاء باحتلال القدس الشرقية. تتمايل راقصة وتلوح بالعلم وتدخل البلدة القديمة لتنتهي المسيرات عند حائط البراق في صلاة شكر جماعية. وحتى لا يترك الفلسطينيون المناسبة للمحتل، فإنهم يتصدون للاقتحام، لاسيما بعد إعلان غلاة المستوطنين نيتهم تحطيم قبة الصخرة والاعتداء على أسمى المقدسات. وهذا العام كان الفلسطينيون سياج مدينتهم. رفعوا العلم من الأرض إلى السماء، وتصدوا للمستوطنين والجنود الإسرائيليين بالأحذية العابرة فوق كل مواقف عالم عربي خائر.

اعتقالات وعشرات الإصابات في صفوف المقدسيين ومواجهات في نابلس ورام الله والخليل لا تزال مستمرة حتى الساعة، لكن نهار المسيرات الإسرائيلية كان يجري تنظيمه في ظلال “سيف القدس”، المعركة التي لا تغيب عن بال القادة الإسرائيليين، وهم في موازاة السماح الأمني باقتحام الأقصى، فقد تراءت لهم صواريخ الذاكرة القريبة المسننة على صوت أبو عبيدة والمصنعة في مخازن القسام ومحمد الضيف ومروان عيسى، والمسورة بتعاليم يحيي السينوار. هذه الأسماء التي لها وقع الصواريخ تحسب لها العدو الذي حول نفسه إلى شرطي على مستوطنيه، وتأهب إلى أقصى درجاته، ناشرا أكثر من ثلاثين ألفا من عناصره، وفعل منظومة القبة الحديدية تحسبا لرد المقاومة الفلسطينية.

والهلع الأمني لدى شرطة العدو لا يضاهيه سوى السقوط السياسي للقادة الإسرائيليين. فكل شارك في مسيرة الأعلام حاملا علمه الخاص الذي يختصر أزماته. وظهر رئيس وزراء العدو الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو متزعما المتطرفين خلال اقتحام حائط البراق في الأقصى، وهو بهذه الحركة يقحم نفسه في مسيرة من شأنها أن تفك عقدته الداخلية، وتسمح له يوما بالعودة إلى الحكومة بعدما غادرها كمدعى عليه ويخضع للمحاكمة. أما عضو الكنيست الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، فجاءت مشاركته صك غفران للكنسيت المأزوم، المتأرجح على “بيضة قبان” عربية اسمها عباس منصور رئيس القائمة العربية الموحدة، الذي له وحده أن يفك المنظومة الحكومية الحالية ويسقطها، لكنه لم يفعل قائلا لحماس: لن تخبرونا بما يجب علينا القيام به.

العرب بفرعهم الإسرائيلي الأصلي يفكون المشنوق في الكنيست، فيما رئيس الحكومة نفتالي بينيت يسمح بتنظيم مسيرة الأعلام لكونه محاصرا بين علمي نتياهو سابقا وألكسندر ليبيد لاحقا، ولا يملك أغلبية للائتلاف أو التحرك خارج السرب. وعلى هذا المسار تصبح مسيرة المستوطنين اليوم كمن يقيم تظاهرة “معا للإنقاذ” السياسي الداخلي.

أما “حكومة معا للإنقاذ” اللبنانية، فقد وضعت على جهاز التنفس الصناعي ومن دون أعلام ولا هوية تحدد مواصفاتها في المرحلة المقبلة، والبعض يأخذ بمسارها إلى ما بعد بعد نهاية العهد وسط تزايد الحديث عن الفراغ الرئاسي. والحكم “النجيب”، وإلى حينه، فإن العيون غدا تتجه إلى المصارف والحشد نحوها في أول يوم لإعادة تطبيق التعييم 161 لمصرف لبنان، فيما الأنظار النيابية تحشد إلى ساحة النجمة الثلاثاء مع جلسة انتخاب رئيس ونائب رئيس لمجلس النواب. ومع نفي التيار الوطني لانتخاب نبيه بري رئيسا، فإن “الكيميا” الطبية عادت وجمعت الطرفين في انتخابات نقابة الأطباء اليوم، والتي شهدت على تحالفات نقابية تؤخذ منها خزعات سياسية، وبنتيجتها فاز مرشح الجامعة الأميركية لبيروت الدكتور يوسف بخاش نقيبا والذي تحلقت حوله الأحزاب وضمنا الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر.