“نورما” تستأذنكم لتخطف البلاد إلى عاصفة تصيب المدن بتعطيل لا ثلث ضامنا فيه. وابتداء من الليلة سيقع لبنان تحت تأثير منخفض جوي مصحوب بكتل هوائية باردة، مصدرها شرق أوروبا تتحرك من اليونان إلى شرق المتوسط. هي عاصفة من إنتاج طبيعي لا تمثيل فيها ولا شروط معطلة. اسمها لا شبهة عليه ولم يرفضه أي من المكونات السياسية المقررة.
أسبابها واضحة المعالم، وهي مكلفة العصف بالمناطق في مهلة تنتهي يوم الأربعاء، لكن قوة رياحها قد تدفع رئيس التيار القوي إلى ضمها في صفوف مكونات “لبنان القوي”، لما ل”نورما” الأوروبية من تأثير جارف في سير الأحداث طبيعيا، وذلك عملا بما هو ساري المفعول في بورصة التعامل السياسي، ومسار التأليف المتوقف عند العصف الفكري للوزير جبران باسيل، الذي أنتج أخيرا أفكارا خمسا خلفت أضرارا لدى المعنيين، وتركت “اللقاء التشاوري” منطقة منكوبة.
وأعلن النائب عبد الرحيم مراد ل”الجديد”، عدم اطلاع “التشاوري” على أفكار باسيل سوى ما هو ساقط منها في الإعلام. واتهم مراد كلا من الرئيس سعد الحريري ورئيس “التيار الوطني” بالتعطيل، وقال: “أمامكم الآن واحد من التسعة، النواب الستة والأسماء الثلاثة المقربة إلى التشاوري ومع حقيبة، ولن نسمح بتموضع ممثلنا لدى أي من الأفرقاء”.
“حزب الله” ضخ دفعة دعم جديدة ل”التشاوري”، وأيد الاتهام بالتعطيل لناحية رئيس الحكومة، لكنه تجنب تسمية الوزير باسيل كمتهم. وقال نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، إن العلاقة ب”التيار الوطني الحر” مستمرة ومستقرة وجيدة، ومن أراد أن يلعب بيننا من أجل تحقيق المكاسب “لن تنفعك هذه الالاعيب”.
ومن البديهي ألا يقدم “حزب الله” على الاتهام المباشر لباسيل بالتعطيل لاعتباراته السياسية الخاصة، وإن كان وزير الخارجية قد “ضربني واشتكى” لدى دوائر الحزب، لكن العودة إلى جذور الأزمة تظهر معطلين اثنين: في طليعتهما رئيس مكلف أبقى على حصرية تمثيله للسنة وهو الخارج من انتخابات أفقدته ثقله النيابي ولم تتوجه زعيما أوحد للطائفة الكريمة، وحتى لا نضيع البوصلة فإن تاريخ الأشهر السبعة يقول إن الحريري ألغى واحتكر وأصر على التمثيل منفردا. في مقابل معطل شريك هو رئيس الجمهورية الذي تنازل باليد اليمنى وصادر باليسرى، قدم وزيرا للسنة المعارضين من حصته، وقطفه إلى الحصاد الوزاري من فئة التيار القوي.
ولأن التعطيل بالتكافل والتضامن بين رئيسين شريكين يتوسطهما جبران باسيل، ولأن أيا من الأطراف لا يعتزم التنازل، فلن يكون أمام رئيس الجمهورية سوى الطلب إلى الرئيس المكلف تقديم تشكيلته للذهاب بها إلى جلسة الثقة في مجلس النواب، وهناك تكرم الحكومة أو تهان، أما “الزعلان” فليتجه إلى المعارضة، وهو دور ديمقراطي رقابي باتت تفتقده السياسة اللبنانية الا في ما ندر، ومن شأنه تفعيل مبدأ المحاسبة وتلك هي الوزارة الأهم لمكافحة الفساد.