وُضِعَ الترسيمُ على العوّامات.. وترنّحتِ الحكومةُ على خبرِ التعويم.. وما بينَهما بحرٌ شاسعٌ من المواقفِ والآراء والنظرياتِ الدُستورية، من اليابسة إلى عُمقِ الأزرق الكبير ولعلَّ مِلفَ الترسيم يَتقدّمُ على أسلافِه من المِلفاتِ المُلحّة بتشنجّاتٍ سياسية وآخِرُ أنباءِ المِلفّ البحري أن المبعوثَ الأميركي آموس هوكستين سَلّمَ المسؤولينَ اللبنانيين خطَّ العوّاماتِ التي تُشكِّلُ النُقطةَ الأخيرة في التفاوض قبلَ أن يُرسِلَ عَرضَهُ كاملاً في الأيامِ المقبلة لكنَ هذه الأيام ستُوضَعُ بدورِها على سُلّمِ أولوياتِ الحكومةِ الإسرائيلية وانتخاباتِها في الأول من تِشرينَ الثاني.. ويَحسِمُ الفَلكُ السياسي كلَ توقعاتِه بأنْ لا شيءَ سيُنجَزُ بشكلِه النهائي قبلَ هذا التاريخ وفي المهلةِ القاتلة فإنّ نوابَ قُوى التغيير في لبنان يتحرّكونَ بحراً وبراً.. وهم أَعلنوا أن مفاوضاتِ الترسيم تَتِمُّ من دونِ مُرتكزاتٍ قانونية أو اعتباراتٍ تِقْنية وتَشهدُ على انحدارٍ نحوَ بازاراتٍ سِرّية.. خاسرة متوجّهينَ إلى القياداتِ السياسية بنداءٍ يدعو إلى اعتمادِ الخط٢٩ فوراً، وبعدَها لكلِّ حادثٍ حديث.. وإلاّ ستُخَسِّرون لبنان كلَّ شيء هذا النداءُ تواكبُه رئاسياً مبادرةُ نوابِ التغيير لزياراتٍ بَدْءاً من الغد على المراجعِ المختصة بولادةِ شخصيةِ الرئيس.. وذلك قبلَ أن تلجأَ إلى الضغطِ الشعبي وبكلِ الوسائل دَرءاً للفراغ ولمّا كان مِلفّا الترسيم الرئاسي والترسيمِ البحري يَسيران بخطٍ ثابتٍ ومتعرّجٍ في آن.. فقد دَخلتِ اليونيفيل على البُقعةِ البريّة وأعلنت استقلالَ القبّعاتِ الزُرق عن الجيشِ اللبناني بحيثُ خَرَجَ قرارُ التمديد لقواتِ الطوارئ الأخير بعباراتٍ من شأنها تعديلُ قواعدِ الاشتباك.. لاسيما عندما أكد أن القوةَ الموقّتة لا تحتاجُ إلى ترخيص، ومأذونٌ لها بالاضطلاعِ بعملياتِها بصورةٍ مستقلة وطالبَ بحُريّةِ التنقّل والسماحِ بمرورِ الدوريات المعلَنِ عنها وغيرِ المعلن وعُدّت هذه النَقلةُ بمَثابةِ ربطٍ يمهّدُ للترسيمِ البري.. علماً أن لبنان يحيا وبشكلٍ موقّت منذُ أكثرَ من عشرينَ عاماً على خطٍ وهميٍ أزرق.. ولا يزالُ جُزءٌ من أرضِه محتلاً في مزارعِ شبعا وتلال كفرشوبا وقريةِ الغجر أما التعديلُ في قواعدِ الاشتباكِ القضائي فقد أَصبحَ لِزاماً على مجلسِ القضاء الأعلى، وحسْمُ مِلفِ التحقيق في جريمةِ المرفأ.. بخلافِ الاستناد إلى فتاوى نِصفية يُقدّمُها وزيرُ العدل واليوم اندلعَ هذا الاشتباك من الديمان إلى وِزارةِ المالية، وتَصدّرَ مِلفُ تعيينِ قاضٍ رديف العِظاتِ الدينية.. إذ اتّفقَ كلٌّ من البطريرك الراعي والمِطران الياس عودة على عدمِ تعطيلِ التحقيق طمسًا للحقيقة.. ورأى الراعي أن القاضي بيطار ثابتٌ في مَنصبِهِ ومُمسكٌ بمِلفِ التحقيق لكنّه مُكبَّلُ اليدين بسببِ رفضِ وزيرِ المال توقيعَ مرسومِ التشكيلاتِ القضائية وقد رَدّت وِزارةُ المال الأزْمةَ إلى القوسِ العدلي العوني، وأوضحت أنَّ مشروعَ مرسومِ تعيينِ غُرفِ محكمةِ التمييز قد جرى استردادُه منذُ قُرابةِ الشهر من وِزارةِ المالية بناءً على كتابٍ من وِزارةِ العدل لتُحيلَه إلى المراجعِ القضائية المختصة لتصحيحِ الخلل الذي يَعتريه وهذا الخللُ الذي أَقعدَ التحقيق وأخلَّ بالوعود لأهالي الضحايا يُمكِنُ تفاديه عبْرَ مجلسِ القضاء بتعيينٍ بالمناصفة “خمسة بخمسة” بين مسيحيين ومسلمين ولمرةٍ واحدة واستثنائية، بهدفٍ وطني هو الوصولُ إلى الحقيقة في مِلفٍ من عُمرِ السنتين فأرواحُ الضحايا المعلّقة بعدالةِ السماء تَنتظرُ أيضاً عدالةَ الأرض.. ويَحُقُّ لذَويها أن يتنازلَ الطائفيون لمرةٍ واحدة عن أمراضِهم الطائفيةِ المزمنة والتي أَحالتِ الكثيرَ من المِلفات إلى أدراجِ النِسيان وهذا المِلفُّ المعلّق يُعادُ طرحُه الليلة معَ البطريرك الراعي ضيف قناة الجديد معَ الزميل جورج صليبي مباشرةً من الديمان وسيَتِمُّ تحديدُ موقفِ الكنيسة معَ استحقاقاتٍ عدة، أبرزُها رئاسةُ الجّمهورية المعرّضة كرسيّها لفراغ ٍ قد يُعمّرُ في السلطة.