اتفاق الترسيم يسبح باتجاه الناقورة.. والدولة اللبنانية دخلته راضية مرضية فتاريخ الحادي عشر من تشرين الأول وضع لبنان على مصفاة الذهب الأسود وأهله لأن يكون دولة نفطية.
ومع إبرام الإتفاق في الأيام المقبلة سيكون البلد الغارق في قاع البحر قد بدأ رحلة النجاة نحو سطح الماء وفي مسار التفاوض ووصوله الى مرحلة إيجابية، كان مفاوضا معلوما مجهولا يتحكم بزمرة القيادة لإخراج الشيطان من التفاصيل.. وهو حزب الله بجناحيه العسكري والسياسي, والحزب القابض على النص والمنصة، أبرم بشكل غير مباشر وعبر الوسطاء اتفاق استخراج النفط والغاز وما الصيغة التي توصل إليها لبنان اليوم مع إسرائيل عبر الوسيط الأميركي آموس هوكستين سوى مسودة لأوراق تمت صياغتها قبل نحو أسبوعين..
وكانت شياطينها عالقة على عبارة واحدة وتم تعديلها في حينه وورقة التفاهم السرية كانت من نتاج مجموعة العمل اللبنانية.. وأسندت إلى حزب الله مهمة التدقيق والمسح السياسي والميداني وإلى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مهام جهاز الأمن والتنسيق وإلى الجيش اللبناني أدوار المراجعة الهندسية الفنية, وجميعهم التقوا عبر مصفاة واحدة مع ممثلين للرئيسين ميشال عون ونبيه بري، واكتفى ميقاتي بتكليف ابراهيم تمثيله في مراحل التفاوض.
ومجموعة العمل اللبنانية هذه نقل ملاحظاتها وتعديلاتها إلى الجانب الأميركي نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، الذي اضطلع بدور الDHL السريع بين بيروت وواشنطن: فسلم واستلم.
وفي المسارات المقبلة فإن العين على التوقيع في الناقورة والتي لن تبتعد تواريخها عن العشرين من تشرين الأول، فيما بعد النظر سيكون على وفد شركة توتال الذي وصل إلى لبنان مرفقا مع خبر إنجاز الاتفاق.
وقد طلب الرئيس ميقاتي من ممثلي الشركة المباشرة بالإجراءات التنفيذية للتنقيب في المياه اللبنانية فورا حيث انتقل الوفد إلى وزارة الطاقة والمياه وعقد اجتماعا مع وزير الطاقة بحضور رئيس وأعضاء هيئة إدارة قطاع النفط في لبنان.
وعلمت الجديد أن الشركة يمكن أن تبدأ بأعمال التنقيب في آذار المقبل ريثما يتم الإنتهاء من التحضيرات اللوجستية بعد التوقيع ويؤشر هذا المسار إلى جدية في تسريع العمل وليس تقبل التهاني وحسب.
ومن بين برقيات التهنئة أجرى الرئيس الأميركي جو بايدن اتصالا بنظيره اللبناني ميشال عون، هنأه خلاله بانتهاء المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية.. مؤكدا وقوف الولايات المتحدة إلى جانب لبنان لتحقيق الاستقرار وتمكينه من تعزيز اقتصاده والاستفادة من ثرواته الطبيعية.
وكانت رئاسة الجمهورية قد أعلنت في بيان أن الصيغة النهائية لهذا العرض مرضية للبنان وتلبي المطالب التي كانت محور نقاش طويل خلال الأشهر الماضية، وتحافظ على ثروتنا الطبيعية والرضى جاء على ضفتين: لبنانية وإسرائيلية.. إذ لم يبق مسؤول إلا وأدخل هذه الصفقة في خانة الإنجاز التاريخي, وسيطرح هذا الاتفاق غدا على مجلس وزراء أمني مصغر قبل أن يطلق سراحه, ويصبح بشفافية أمام الرأي العام الإسرائيلي وهي نقاط تحفظ عليها سياسيون وقيادات وأحزاب لبنانية..
إذ إن العدو يكاشف مجتمعه ويفتح له الأوراق السرية فيما لبنان لا يكشف ورقه إلا للتيار الوطني الحر وستصبح مهمة وضع الاتفاق أمام الرأي العام اللبناني أولوية بعد التوقيع عليه، لاسيما إذا كان يستلزم موافقة مجلس النواب.. وعندها للمجلس حق التصويت أو الرفض وعلى الترسيم ومنصاته المستقبلية يطل الليلة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاب بذكرى المولد النبوي الشريف.. والذي سيشهد على مولد أول اتفاق لبناني إسرائيلي برعاية أميركية ولأميركا كلمتها أيضا على التوقيت نفسه، في موقف ستعلنه السفيرة الأميركية دورثي شيا عند الثامنة والنصف من هذا المساء وسيجمع الهواء بفارق قليل بين نصرالله وشيا بعدما توافقا بشكل غير مباشر على بنود اتفاق ينتظر اللبنانيون تفاصيله لكنه حكما.. سينقل لبنان من ضفة إلى أخرى.