بين ساحة النجمة والمنطقة الخضراء، مسافة رئيس فعلى توقيت واحد لعاصمتين أنتجت بغداد رئيسا بعد فراغ سنة انتهى بانتخاب عبد اللطيف رشيد بأغلبية أصوات البرلمان العراقي زائد تسعة صواريخ كاتيوشا غلب زعماء العراق مصلحة البلاد العليا على المصالح الضيقة وانتخبوا رئيسا صناعة وطنية.
وأما بلاد الأرز التي تربطها مع بلاد الرافدين أواصر الأزمات السياسية وتستمد نورها من بغداد. فلا يزال زعماؤها يمارسون المراهقة السياسية في أسوأ أزمة تعيشها البلاد ففي أقصر عرض مسرحي، طار النصاب وطارت معه جلسة الانتخاب إلى الخميس المقبل “وكلفنا خاطركن”.
ستة وثمانون نائبا من ورق لبوا الدعوة واحد وسبعون منهم دخلوا الصف.
وأما الباقون فامتثلوا لأوامر رؤساء كتلهم بالبقاء في أروقة المجلس كجنود الاحتياط في معركة محسومة النتائج: لا رئيس ما لم تنضج خلطة التوافق وتوابلها في الجلسة الثانية وعلى المكشوف طير الثنائي الشيعي النصاب “وكرمال عين الجنرال تكرم عيون باسيل”.
وتكتل لبنان القوي الذي قاطع جلسة المس بالذات التشرينية وكما بدأت جلسة “طق الحنك” انتهت “ويا ديعان البنزينات”>
إلا أن الجلسة نفسها شهدت غسيل قلوب بين القوات وحزب الله ورصد النائبان علي عمار وملحم رياشي يتبادلان أطراف الحديث المناخي>
ولكن ذلك لم يمنع رياشي من الاستعانة بشكسبير لتوجيه ضربة مرتدة إلى التيار الوطني وباللغة الفرنسية إذ قال: “يا للأسف إن الحمقى لا يستطيعون أن يتكلموا بحكمة عن الحماقة التي يفعلها الحكماء”.
وبعد ملحم، استحضرت القوات “أبو ملحم” لتوصيف تمنع الكتل الباقية وعدم امتلاكها الجرأة في طرح أسماء مرشحيها وجددت تمسكها بميشال معوض لكن معوض “عليه العوض”، بعد رفضه انتخاب رئيس توافقي لا لون ولا طعم له ولا رائحة وهو رد على حزب الله لدى نصائح وإرشادات النائب حسن فضل الله من أن التحدي لا يوصل إلى نتائج رئاسية، خصوصا أن مرشح التحدي لا يملك حتى ثلث أعضاء المجلس.
وإذ دعا فضل الله إلى التحاور على التوافق كانت سلة التغييريين متاحة أيضا للذي لا أسماء لديه ومفتوحة على النقاش.
وأما النائب جميل السيد فتقمص بالفعل شخصية “أبو ملحم” في التوفيق بين موقف التيار الوطني المقاطع، ودعوة الرئيس بري إلى جلسة الثالث عشر من تشرين وبرر تطيير النصاب بتضامن حزب الله وبري مع التيار.
الصمت عن أرواح شهداء الجيش اقتطع دقيقة من جلسة الدقائق الخمس.
وأما اتفاقية الترسيم فستسلم إلى النواب للاطلاع عليها لا لمناقشتها في المجلس كما طالب النائب سامي الجميل لينتهي الفصل الأول من المهزلة إلى تحديد الثامن عشر من الجاري موعدا لجلسة دستورية لانتخاب اللجان وهيئة المجلس.
وقبل الانتقال إلى الفصل الثاني بإطلالة رئيس الجمهورية ميشال عون بعد قليل لتوجيه كلمة إلى اللبنانيين من على شرفة الترسيم أكدت أوساط رئيس حكومة تصريف الأعمال للجديد أنه سيجري إطلاع كل من الوزراء ومجلس النواب على نص اتفاق الترسيم من دون اتخاذ أي قرار بشأنه، لأن إقراره يعني اتفاقا بين لبنان والعدو الذي لا نعترف به كدولة وهذا الأمر ليس واردا بسبب أن أي قرار للاتفاق في مجلس الوزراء يعني التطبيع مع العدو وتزامنا ورفع رايات النصر في بعبدا لإنجاز له جنوده المجهولون المعلومون وصلت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا على متن زورق توتال المطاطي إلى بيروت حيث ستلتقي الرؤساء الثلاثة ونظيرها اللبناني على عناوين ثلاثة: تمسك فرنسا بحسن سير العمل في المؤسسات اللبنانية عبر ضرورة انتخاب رئيس لبناني تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات والقيام بالإصلاحات الضرورية التي نص عليها الاتفاق مع صندوق النقد الدولي في السياق المثير للقلق الذي تشهده البلاد…
وختامها مسك في الترحيب بالاتفاق التاريخي حول ترسيم الحدود البحرية والذي سعت فرنسا من أجله مع شركائها الدوليين. في ظرف ساعات تخطى العراق حقل الألغام السياسية، وإن ولد رئيسها من رحم مكوناتها المتصارعة…
فقد أدى اليمين الدستورية، وفي أرضه كلف محمد شياع السوداني تشكيل الحكومة وفي لبنان الرئيس المكلف طويل البال، مرتاح على تصريف الإنتاج في سوق الفراغ فانتخاب رئيس جديد للجمهورية يبقى حقلا محتملا كحقل قانا بعيد الاستخراج لكن ما سيتم “استخراجه” من لبنان على المدى القريب هو ملف النازحين السوريين الذي ينسق خطوطه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، تعاونه آليات لوجستية وزارية وهو أبلغ الجديد اليوم أن أول دفعة من النازحين تنطلق الأسبوع المقبل إلى الداخل السوري، مع تطمينات بأن أيا من النازحين لن يتعرضوا لضغوط أو ملاحقات أمنية وكشف أن معظم العائدين هم من مخيم عرسال، وقال: أنا أعمل لإعادة عشرات آلاف النازحين إلى سوريا.