هو “أصعب فُراق”.. عندما تَخسر روحَ الروح.. فكيفَ إذا كانَ دمعةَ العين؟ “الطبيب الجرّاح” الذي داوى قلوبَ الناس بالحب.. “أطبّا الكون” لم يُداووا ابنَه فاتحةَ مسيرتِه العائلية أبو وديع، عَرِفناه، واليوم يَنكسرُ الاسمُ على آهاتِه.. و”يحلف القمر” مئةَ ألفِ يمين أنّ صاحبَ هذه النغمة ومصدرَها “نِسمة”.. قد أُصيبَ بينَ قلبٍ وكبِد.. و”راحت النسمة” هذه المرة “عند الحبايب” الذين سيَحضُنهم ترابُ كفرون كانوا يَحسِدُونه.. إلا في هذه اللحظات ومُصابِها الجارح فالآن تنحني حُنجرةُ السلطان وتُنكِّسُ أوتارَها حزناً على وديعِها ورفيقِ مسيرتِها ومِن عرشِ حزنِه يُردّد الوسوف أمامَ المعزّين “شو بدن ينادوني بعد.. فأنا كنت أبو وديع “، لكنْ “كلام الناس” هذه المرة سيُقدّم ويؤخّر.. الكلامُ معَ الوسوف وله.. ولأمٍ احتَرفتِ الصمتَ وعاشت وراءَ شمسٍ ونجوم، لشاليمار سيدةِ الأحزان التي جَثَتْ أرضاً لتُخفِيَ دموعَها وتودِعَها بين أيدي الوسوف.. والسلطان “صابر وراضي بالنصيب”، لا كلامَ يعلو على لوعةِ فُقْدِ الأهلِ للأبناء.. وهو ما تجلّى في كنيسة مار نقولا الأشرفية.. ومنها غداً إلى كفرون السورية.. حيث الترابُ الأول والنظرةُ الأخيرة.
وإذا كان “الموت حقّ” ولا ردَّ فيه لقضاءِ الله وقَدَرِه.. فإنّ عدالةَ الأرض لها موازينُها الخاصة وعلى مَسافةِ ساعاتٍ من وصولِ الوفدِ القضائي الأوروبي إلى بيروت، انطلقت حملةُ تنظيفِ قصرِ العدل، من بابِه إلى مِحرابِه، لإزالةِ غُبارِ الاعتكاف والنُفاياتِ التي خلّفها الإضرابُ عن العمل و”نوّرت” غُرفُ المحاكم بعدما كانّ القضاةُ يَستخدِمُون “تلفون أبو لمبة” لتلمُّسِ طريقِ مِلفاتِهم وبعدَ البحث والتدقيق في تغريدةِ رئيسِ الجُمهورية السابق ميشال عون عن أنّ سقوطَ القضاء اللبناني دَفَعَ بالقضاءِ الخارجي إلى التدخّل تبيّنَ وبحسَبِ معلوماتِ الجديد أنّ مَن رَسَمَ حدودَ هذا التدخّل كانت وزيرةَ العدلِ السابقة ماري كلود نجم المحسوبة على عون نفسِه.. والتي شرّعت عامَ ألفين وعشرين أبوابَ المِلفاتِ اللبنانية أمامَ المحافلِ السويسرية، وفَتحت بابَ التعاونِ القضائي معَها.. قبلَ أن يَرسُمَ وزيرا العدل الحالي هنري خوري والخارجية عبدالله بو حبيب خطَّ التدخّلِ الأزرق لهذه المراسلات وبحسَبِ المعلومات أيضاً فإنّ المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات وَضعَ الطفافات عندَ حدودِ التدخّلِ القضائي الخارجي عَبْرَ إدخالِ التعديلات لتَتِمَّ عمليةُ الاستماع إلى الأشخاصِ الذين جرى تبليغُهم بواسطةِ قُضاةٍ لبنانيين. مصادرُ “الجديد” أكدت أن اسمَ حاكمِ مصرِف لبنان رياض سلامة لم يَرِدْ ضِمْنَ الأشخاص الذين سيَتِمُ الاستماعُ إليهم، وأنّ لائحةَ الجولةِ الأولى تَضُمُّ رؤساءَ مجالسِ إداراتِ بعضِ المصارف، وذلكَ بصفةِ شهود. وأضافتِ المصادر إنه لن يَتِمَ توقيفُ أحدٍ من المطلوبين للشهادة.. لكنّ حضورَهم واجب، وغيابَ أيٍ منهم سوفَ يؤدّي إلى ضربِ مصالحِهم في الخارج.. على أن تكونَ مُهمةُ الوفدِ القضائي الأوروبي الثلاثي محصورةً في المصارف، والأسئلة تتمحورُ حولَ النظامِ المصرِفي والتحويلاتِ المصرِفية ومن هنا سيَتِمُ سؤالُ المصرِفيين عن مدى تسهيلاتٍ قدّموها لشخصياتٍ من فئاتٍ تسمّى الـpeps، أي الشخصياتِ المعرّضة سياسياً.. والتي يُشتبهُ في تحويلِها أموالاً إلى الخارج والخارج نفسُه يَملِكُ مفاتيحَ اللغزِ وتحويلاتِه.. أما القضاءُ اللبناني وبدلاً من أن “يَشطف” أرضَ العدلية، وَجَبَ عليه تنظيفُ نفسِه من شوائبِ السياسة وتدخّلاتِها، والوقوفُ على مصالحِ هذا الزعيم أو ذاك.. وعندها يحيا العدل.