أول انعكاسات الاعتصام داخل القاعة العامة في مجلس النواب، أن رئيس المجلس نبيه بري “فرم” الجلسة وحولها قطعا إلى جلسات مشتركة يوم الخميس لتعديل أحكام قانون الضمان الاجتماعي.
وبهذا القرار ضمن بري عدم ابقاء جلسات انتخاب الرئيس مفتوحة.. وأحدث شغبا يعكر صفو الاعتصام المفتوح ويقلق ليل المقيمين تحت جنح الظلام المقصود لكن قرار النائبين نجاة صليبا وملحم خلف لايزال صامدا،
وقد ينضم إليه صوت ثالث عبر النائبة حليمة قعقور بإقامة دائمة، وليس زيارة اطمئنان وبدا أن الخطوة الجريئة ستتوسع مع نواب اخرين..
ولكن حدودها هم أعضاء تغييرون ونواب أقرب إلى السياديين فيما تتخوف القوات اللبنانية من قرار الانغماس نيابيا في الاعتصام، وتبقي على أعضائها خارج المشاركة لكونها تتوجس من تحويل هذا المشهد إلى خطوات غير محسوبة.
وأما الكتائب اللبنانية فتحرص على تأمين دوام جزئي بلا التزام بالمبيت خارج البيت الكتائبي وتلقت خطوة صليبا خلف دعما من ناشطين ورجال أعمال ومحامين يزورون المكان، وسط تدابير صارمة فرضت على المحيط والصرخة من نائبين اثنين تزامنت وبشكل غير متوافق عليه، ومبادرة بدأت طلائعها من دارة زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي في كلمينصو، وتحمل مساعي للدعوة إلى خفض السقوف في مواصفات الرئيس والعمل على طرح أسماء قد تجمع عليها بقية المكونات ونزع صفة الاستفزاز عنها.
ويستشعر جنبلاط بمبادرته هذه خطورة المرحلة، إذ يلتقط مرصده إنذارا بالانفجار عن قرب والمتزامن مع حالة متفلتة في الأسواق المالية وتاليا الاجتماعية وفي محاولة للحد من التفلت أصدر المصرف المركزي اليوم ثلاثة تعاميم، هي عبارة عن تعديلات تتماشى ورفع سعر الصرف الرسمي للدولار من 1500 إلى 15 ألف ليرة وهي القرارات التي أعقبت التهاما شبه كلي من المصارف للأرباح في السوق السوداء..
إذا إنها عمدت طيلة الأشهر الماضية إلى العمل الاستباقي وتسديد ديونها للمركزي على السعر القديم، قبل أن يتحول في الأول من شباط إلى الخمسة عشر ألفا حققت المصارف أرباحها وساهمت في إطلاق صاروخ الدولار ليضرب بسقف الخمسين والجشع المصرفي إلى جانب تآكل العملة والإضرابات وسوق الإدارة المتوقف، وغياب التيار الكهربائي.. كلها عوامل عجلت في العمل الحكومي وفي السعي.
في المقابل إلى طرح مبادرات رئاسية محلية، قبل أن يقول الفرنسي كلمته في المبادرة الرباعية في باريس لكن المفاجأة لم تأت من الرعية، بل من الرعاة الدينيين.. حيث شكل موقف مجلس المطارنة الموارنة الأخير فتوى كنسية تساهم في دعم التعطيل الوزاري.
وفي رسم علامات استفهام حول الاستحقاق الرئاسي وإبقائه صريع الموارنة أنفسهم ولم تستخدم بكركي في موقفها الموسع أي سطوة أو إشراف كنسي لها على أكبر كتلتين مسيحيتين هما القوات والتيار، لدفعهما إلى التنازل أو تقديم حلول تلتقي عندها جميع مكونات الوطن، لا بل إن بيانها الشهري كان بمثابة رعاية مارونية أبوية لهذين المكونين وطروحهما التي أصبحت خطرة وتقارب التقسيم والفدراليات الطائفية والكونتات المناطقية والتمسك بخيار الترشيح الحاد الذي يشهر عداءه للآخر.
فقائد القوات اللبنانية سمير جعجع أصبح يبحث عن النظام البديل وصيغة إعادة الهيكلة لكل الدولة.. ويتمسك بمبشال معوض وهو العارف أنه لن يتخطى أصواته المعهودة فيما يحارب جبران باسيل بعامل الوقت لكسبه، متأملا برفع العقوبات والترشح للرئاسة.. وهو الذي يخسر كل يوم داخل التيار وبعدما “لبط” باسيل بحزب الله طويلا واستفد كل ما في جعبته من دلال ودعم.. أصبحت الكنيسة اليوم راعيته الأولى لذلك ربما وجب في الاجتماع الشهري لشهر شباط المقبل رفع الغطاء من البطاركة الأجلاء عن كل مرشح يتظلل بالكنيسة ليقلب المعادلات والتوازنات في بلد الشراكة والمحبة.