هي دولة الغاب وبلا شريعة. تخطت الأحداث فيها حدود العقل والمحرمات والتعاليم الانسانية. ففي جمهورية ابوابها مخلعة سياسيا وماليا غزا الانهيار الأخلاقي لبنان مسجلا اكثر من جريمة منظمة بحق الطفولة والقصار، وبعد الطفلة لين طالب وعائلتها المريبة وما تلاها من جرائم بعضها ضمن البيت الواحد، انكشفت فظائع مكتملة العناصر في جمعية تطلق على نفسها اسم “قرية المحبة والسلام” ليتبين أن الجمعية التي إئتمنها القضاء على القصر والأحداث تهتك أعراضا لم تبلغ سن الرشد تماما كحال الذين يديرون دفة الحكم وحولوا الناس إلى مفعول بهم. هي جمعية ادعت المحبة والسلام على طريقتها فقصفت أعمار الأطفال بالتحرش الجنسي وباسم المحبة تاجرت بهم وعلى نية السلام باعتهم بمزادات غير علنية وتقاضت الأموال عن حياتهم وأرواحهم الى ان عثر في الجسم القضائي على قاضية تحمل المزايا الانسانية الجريئة وهي القاضية جويل ابو حيدر التي لم تنتظر روتين العدل لتسطر قراراتها.
وفي سوق الرق هذا كانت الجمعية وضحاياها من الأطفال صورة مصغرة عن مسؤولين افتعلوا بالبلد وناسه قادوه إلى الانهيار وسلموا مؤسساته إلى فخامة الفراغ . بقرار قضائي جرى ختم القرية بالشمع الأحمر فماذا عن المزرعة والضمير الغائب لدى المسؤولين؟ خمس دول اجتمعت على هم لبنان ولم تستطع أن تفكك شفيرته والغازه لكنها استخلصت العبرة من الحمض النووي السياسي ومن دعوات لحوار لا طائل منهوبمفعول رجعي قرأت الخماسية بين السطور اللبنانية ورأت أن لا جدوى من حوار الداخل والخارج ودعت النواب للتشاور والتوافق لانتخاب رئيس للجمهورية وفقا للدستور سفير الصين في لبنان انتقد انعدام روح الوحدة عند الزعماء وعدم تلاقيهم على إنقاذ مواطنيهم سفراء فرنسا والاتحاد الأوروبي قالوا بأن المافيا تحكم لبنان وشعبه أما السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا فاختصرت الواقع بكلمة: الخلاف على رئاسة الجمهورية سببه الفساد.
وفي محصلة المواقف “الفرش” ما أعلنه السفير المصري في بيروت ياسر علوي ففي ذكرى ثورة الثالث والعشرين من يوليو أكد علوي أن الالتزام بدعم لبنان ومساعدته على الخروج من عثرته الراهنة هو واجب بل فرض عين على كل شقيق وصديق وأن قيامة هذا البلد هي حاجة عربية ودولية بقدر ما هي ضرورة لبنانية وقال السفير المصري للجديد نحن لسنا طارئين ولا عابرين والتزامنا حاسم على ثابتين أساسيين هما الحفاظ على النظام الدستوري كما يجسده اتفاق الطائف ودعم استكمال تكوين السلطة السياسية في لبنان وإنهاء حالة الشغور المتنامية وعلى اللبنانيين مساعدة أنفسهم كي نساعدهم.
عدم الرضى الخارجي سيرتد سلبا على الداخل اللبناني وهو ما يعيه المسؤولون جيدا وعلى قاعدة الابتزاز والنكد السياسي يدفعون بالأمور نحو استنساخ مؤتمر دولي من جينات الطائف وسان كلو والدوحة وسواها. وبانتظار انقشاع الرؤية عن موعد عودة الموفد الفرنسي جان إيف لو دريان إلى لبنان فإن طالع الأسبوع سيفتتح على جلسة لحكومة تصريف الأعمال لدراسة مشروع قانون موازنة العام الجاري في ظل ما يحكى عن اضطراب في السوق المالية. والفوضى القادمة على جنح الدولار قد تستدعي اجتماعات طارئة للحكومة مع كلام يتضمن مسعى سياسيا لتمديد ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، غير ان المقترح ظل يتميا ولم يجد له ملجأ سياسيا للتبني مع الاشارة الى ان الغالبية تريده، لكنها تخاف نار الشارع. واتضح للطبقة التي اعتاشت ثلاثين عاما من خيرات وقرارات سلامة ان لا شخصية مالية من داخل المركزي تستطيع تعبئة هذا الفراغ وضمنا نوابه الاربعة.