تحت ظلال الفراغ السياسي محليا استعان اللبنانيون بانقلاب فنزويلا للاصطفاف بين رئيسين: الاول منقلب بدعم أميركي، والثاني متحصن بالعسكر وبقوة إسناد روسية وما أثار التأهب اللبناني أن رئيس البرلمان الفنزويلي المعارض خوان غوايدو هو قائد عملية الانقلاب لكن الاستعارة على البرلمان اللبناني لن تكون واردة لأن رئيس مجلس النواب نبيه بري يحكم منذ أربعين عاما من دون اللجوء إلى الانقلاب الموجود بحكم الاستمرارية من دون السماح بتداول السلطة.
وإذا كنا قد توزعنا بين غوايدو ومادورو، فإن العالم أيضا قسم فنزويلا جبهتين: أميركا والاتحاد الأوروبي وبريطانيا دعموا الرئيس المنقلب. وروسيا وحلفاؤها من كوبا الى تركيا وإيران وسوريا، وآخرين ساندو الرئيس المنقلب عليه نيكولاس مادورو حامل الجينات السياسية طبق الأصل للرئيس الراحل هوغو شافير.
غريم الولايات المتحدة طوال سنوات حكمه وابن تشافيز الشرعي سياسيا أعلن بقاءه في القصر مستمدا الدعم من جيشه الذي رفض الانقلاب وأكد أن الشعب هو المرجعية الوحيدة لانتخاب الرئيس لكن أميركا لم تنتظر استيضاح المشهد حتى دعمت انقلاب رئيس البرلمان وليس مستغربا أن يكون البيت الأبيض أول المرحبين بالاطاحة بمادورو فالولايات المتحدة أرادت عودة فنزويلا جمهورية موز، والى ما كانت عليه قبل البوليفاري شافيز إلى السلطة أي جمهورية خاضعة كليا لمشيئة السيد الأمريكي لا تغرد خارج سربه وعيون واشنطن لا تنظر الى فنزويلا إلا من خلال امتلاكها أكبر احتياطي للنفط على المستوى العالمي وأكبر مخزون للذهب على مستوى أمريكا اللاتينية وهذا العقاب ليس لأن كراكاس اعتمدت سياسات وتحالفات بعيدة من المزاج الأمريكي، وليس لأنها طبقت سياسات اشتراكية وتقوم على الاكتفاء الذاتي، بل لأنها في الأساس إنحازت للفقراء والعمال والفلاحين على حساب الشركات المتعددة الجنسية وبينما كانت فنزويلا تشهد على عصر الرئيسين، فإن لبنان لا يزال يحيا عصر مطاردة الحكومة والبحث عن مكوناتها مع تعثر تأليفها.
وتردد أن الرئيس المكلف غادر إلى باريس وذلك بعد يوم واحد من إعلانه أنه سيحسم قراره في أسبوع واحد ومهلة الأسبوع التي منحها الحريري لنفسه تأتي بعد مئة واثني عشر يوما من وعد قطعه بإنجاز التأليف. وهو بذلك يمدد مهمته أسبوعا إضافيا ليبلغ المئة والعشرين يوما عداد جديد سيحسب الأيام للرئيس المكلف ولبلد خرج من الوصاية السورية فوقع تحت وصايات لبنانية وفي النشرة إحصائية للمهل الزمينة السريعة التي كانت تتشكل فيها الحكومات بقبضة أبو يعرب وأبو عبدو.
وما على المؤلفين اليوم سوى الاستماع الى جملة ” اربت تنحل الشهيرة بصوت مؤلف السلم الحكومي رستم غزالة ” والله شتقنالكن “.