من حرقة قلبه أحرق نفسه جورج زريق، أب وصل به اليأس حد إحراق الذات استحق عن جدارة لقب البوعزيزي لبنان وبشهادة من نار نالت الدولة الساقطة إنسانيا دكتوراه فخرية في جعل اللبنانيين كبش محرقة لنظام اجتماعي متآكل.
لكن النار لم تحرق سوى موضعها ولم تتمدد لتشعل ثورة على الظلم وعلى طبقة سياسية أكلت أخضر ويابس الصفقات والمحاصصات والمغانم التي أصبحت دينا يطوق رقاب اللبنانيين بأكثر من مئة مليار دولار. لم تلسع نيران جورج زريق ضمائر المسؤولين، ولم تحرك ساكنا في الحراك المدني ولا حتى مست شراراتها المتطايرة من الجسد المتفحم شعبا، أعلنها ثورة افتراضية بدلا من أن تكون ثورة في الشارع على دولة عاجزة.
ما طلب زريق توفير التعليم المجاني لأولاده ولم يتجرأ على الحلم بضمان صحي أو شيخوخة والمستشفيات الحكومية تنازع للبقاء كان مطلبه بحجم ورقة إفادة مدرسية تخوله نقل أولاده من الخاص إلى العام.
المدرسة قطعت تواصلها مع الإعلام واكتفت ببيان موارب حملت فيه الضحية المسؤولية. وقعت الواقعة فكان الوزير أكرم. وتبنت وزارة التربية تعليم أطفال جورج الثلاثة إضافة إلى فتح تحقيق في ما جرى لكن التبني لن يعوض غياب الأب، والتحقيق لن يطفئ نارا ستبقى مشتعلة في نفوس أطفال جورج الذي قدم بالشهادة شهادة حسن سلوك بالأبوة، وشهادة سوء سلوك لدولة فاشلة تربوبيا والصدقة الجارية للوزير أكرم شهيب يرتقب أن تتحول في البيت الاشتراكي الى ضربة “معلم” يتخذها “ابن المعلم”.
تجاه الاعتداء على الجديد فقد مر أسبوع على رمي قنبلة استهدفت المبنى من دون محاسبة ومع تأكيد رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط الاسبوع الماضي أن مازن لمع موجود وسيسلم لاحقا فإن ذلك يعد ضمانة لتسليم الفاعل الجديد إذ تأخذ هذه الضمانة بإيجابية تنظر إلى تحولها واقعا ملموسا لضمان حسن سير العدالة وأمن المواطنين وعليه فإن الجديد المعتدى عليها تنتظر التسليم لأن العدالة وحدها تضمن حقوق الجميع، وفي مقدمها احترام المكونات الوطنية إحدى أهم مسلمات المحطة وإذ ترى الجديد أن طائفة الموحدين الدروز هي ركن أساسي من هذه المكونات فإنها تكرر احترامها لها بمشايخها ورموزها ومرجعياتها بحيث لم يكن لمؤسستنا أي رغبة في الإساءة الى هذه الطائفة الكريمة ولا الى غيرها على مدى مسيرتنا الإعلامية الوطنية ولطالما اجتمعنا معا على حسن الجيرة والاحترام المتبادل.