الحدث المروع جاء من أكثر الدول سكونا، من نيوزيلندا عاصمة الهدوء في العالم ومنها أطل داعش الغرب ليحاور داعش الشرق في الإجرام، فكان مشهد الحقد الاستعراضي المنقول مباشرة عبر الفيسبوك لسفاح أسترالي أفرغ الكراهية ودللها بالموسيقى وبالكراهية.
الاقرب جغرافيا كانت إسرائيل – سيدة الإجرام الأولى، تختبئ تحت سابع أرض تخوفا من صاروخين فقط صاروخان فقط من قطاع غزة المحاصر إلى قلب تل أبيب، وحدهما هزا وهزأ كيان العنكبوت وبثا الخوف في أرجائه، وهددا المستقبل السياسي لنتنياهو الذي كان قبل يومين يتباهى بأن حكومته على اتصال بست دول عربية وإسلامية مصنفة من البلدان “المعادية لإسرائيل” وانفجار الصاروخين في قلب فلسطين المحتلة أصاب أصدقاء لإسرائيل من أهل وارسو، المتهافتين وجالسي القرفصاء على التطبيع المجاني مع العدو.
والفلسطينيون بصاروخين اثنين يستعيدون وهج المقاومة التي يسعى المطبعون لإطفائه، وهو النهج الذي سيدفع تل أبيب إلى طلب التفاوض، فعندما كانت منظمة التحرير ترفع البندقية والكفاح المسلح شعارا ونهجا وممارسة، استجدت إسرائيل السلام معها بأي ثمن وشغلت الوسطاء للقبول بمبدأ التفاوض، وعندما كانت مصر وسوريا تقودان المواجهة انهالت عروض السلام على أفكار لاسترجاع الارض المحتلة بما فيها القدس، وفي ذروة حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل أواخر الستينيات كان ضرب العدو يضرب ألف حساب قبل وضع حجر واحد في المستوطنات.
صاروخان فقط يمكن أن يعيدا عقارب الساعة الى الوراء فماذا لو دخلت إسرائيل في حرب استنزاف بفرعها الثاني بعد أكثر من خمسين عاما، احتسب العدو أيامها بألف ليلة وليلة؟ والجواب لن تتحمله قبة حديدية منتهية الصلاحية أصابها الصدأ وبلغة العقارب تمكن مؤتمر بروكسل للنازحين من لدغ لبنان عبر خطة تبقي الحال على ما هي عليه، مع تعويض مالي تحت مسمى المساعدات، ومن المليارات السبعة الممنوحة افتراضيا في المؤتمر ستكون حصة لبنان مليارا وستمئة مليون دولار، لكن هذا المبلغ سيكون عربون صداقة لبقاء النازحين في البلدان المضيفة ومنها لبنان، حيث شدد البيان الختامي للمؤتمر على توفير الدعم المستدام لهم في دول الجوار، ولم يشر البيان الختامي الى أحد عشر مليونا داخل سوريا في حاجة الى مساعدات، من بينهم أكثر من ستة ملايين من المشردين في الداخل وأكثر من مليوني شخص خارج المدرسة في سوريا،. لكن البيان التفت في المقابل الى المعارضين السوريين النازحين الى الفنادق ومرفهي العيش، الذين يسافرون بين باريس وإسطنبول والرياض، وقرر الاجتماع بهم للاطلاع على مأساة نزوحهم وحاجاتهم.
ومن سطور بيان بروكسل يتضح أنه مؤتمر لدعم الدول الاوروبية وتجنيبها نزوح النازحين الى عواصمها، وهذه الدول مستعدة لدفع المال في مقابل بقاء السوريين حيث هم لذلك جاءت صواريخ جبران باسيل بالامس لتضرب في مكانها وتصيب اهدافها قائلا: اما عودة نازحين وإما لا حكومة لافتا إلى أن “دولا كبيرة تمنع عودة النازحين إلى بلادهم وان مؤتمرات مثل بروكسل تمول بقاء النازحين ونحن نريد مؤتمرات تعيدهم الى بلادهم ولا يعتقد أحد انه يقدر أن يغرينا بمساعدات مالية، أو ان يهددنا بحصار مالي فبالنسبة الينا “سيدر” هو رزمة إصلاحات لمصلحة بلدنا، وفي اليوم التي يستعملها احد ليفرض علينا قروضا مقابل النزوح، نجيبه: ما بدنا لا قروضك ولا نزوحك، فلبنان أرضه وهويته ورسالته أغلى من كل أموالك، وعلى جرأة هذا الموقف فإن مضمونه اغلى من المليارات السبعة ومن بروكسل واحد واثنين وثلاثة، وما سيتفرع عنها من مؤتمرات ورقية.