لم تعد تعرف “إسرائيل” من أين تأتيها الضربة . ومع انشغال راداراتها السياسية والعسكرية بالتقاط إشارة من المحور تلقت دُفعة صغيرة على الحساب من غور الأردنعند خاصرة الضفة الغربية الشمالية بعملية إطلاق نار مزدوِجة وقعت على طريق بين حاجزين عسكريين وأدت إلى مقتل إسرائيلي وإصابة آخر وفرار المنفذين. في حين أجرت قوات الاحتلال عمليات مطاردةٍ واقتفاءِ أثر براً وجواً بحثاً عن المهاجمين. والعملية التي نفذت بالسلاح البدائي المتاح اكتسبت نوعيتها من توقيتها إذ تأتي بعد تصريح أدلى به وزير خارجية الاحتلال يسرائيل كاتس خلال اجتماع مع رؤساء المستوطَنات قال فيه يجب التعامل مع مخيم جنين كغزة. وتهديد كاتس بنقل نموذج غزة إلى قلب الضفة يتزامن مع تصاعد العمليات ضد الاحتلال تضامناً مع القطاع، ورداً على الاقتحامات والاغتيالات والاعتقالات وهدمِ منازل الفلسطينيين واتساع حركة الاستيطان. وإذا كان إطلاق النار في الأغوار الشمالية رداً طبيعياً على الجرائم والإبادة التي يرتكبها الاحتلال في غزة فإن ما هو خارج الطبيعة أن تمرَّ جريمةُ الفجر مرور الإدانات العربية من دون أن تخرق ولو جدار صوت فوق العلاقات مع كيان مجرم مطلوب للعدالة الدولية ومحكمتِها الجنائية أو أقله التلويح بالانضمام إلى دعوى جنوب إفريقيا من باب هز العصا إذا ما استمرت حرب الإبادة وهي مستمرة بدعوة إيتمار بن غفير إلى وقف المساعدات وقطع الوَقود عن غزة واحتلال القطاع وفرض الهجرة الطوعية وسحق حماس وبذلك يتحقق النصر الكامل بحسب زعمه. ومزاعم بن غفير، قوبلت برسالة وجهها ضباط إلى رئيس الأركان قالوا فيها: نحن الذين أتينا من الميدان نعلم جيداً أن النصر لا يزال بعيداً. وعلى مسافة أيام من خميس التفاوض فإن الحراك الأميركي المرتقب اتجاه المنطقة يهدف للضغط على تل أبيب وحماس لإبرام صفقة تُجيّر لحساب الحزب الديمقراطي في السباق الرئاسي ونقلاً عن مصدر إسرائيلي نقلت محطة (سي أن أن) أن واشنطن أبلغت تل أبيب أن الوقت قد حان لاتفاق لوقف إطلاق النار كما نقلت شبكة (سي بي أس) عن بايدن قوله ما زلت أعتقد أن وقف إطلاق النار بغزة ممكن وأعمل مع فريقي لضمان خفض التصعيد. والإدارة الأميركية التي تحمل “غصن الصفقة” بيد وضعت باليد الأخرى أساطيلها وبوارجها وإمدادات السلاح والمال تحت إمرة بنيامين نتنياهو وعن دراية تصل حد التواطؤ فهي قد تُلدغ من جُحره مرة جديدة بوضع العراقيل أمام سكة التفاوض والتهمة جاهزة لإلبهاسها لحماس خصوصاً وأن شبكة (سي أن أن) نقلت عن مصدر إسرائيلي قوله لا أحد يعرف ما يريده “بيبي” في إشارة إلى بنيامين نتنياهو. وبانتظار قمة الخميس فإن المنطقة لا تزال تحت تأثير المرتفع الجوي على مقياس الردين الإيراني وحزب الله فعلى جبهة طهران الرد آت حتماً وحزب الله فصل بين جبهة الإسناد وانتظار الصيد الثمين وفك ارتباط الرد عن مصير المفاوضات.