بفعل احتكاك التيارين في المعامل الحرارية والسياسية، خرج لبنان عن الشبكة وانعزلت مرافقه الحيوية، واذ يتغلب هذا البلد بالنيران على اسرئيل فإنه ينهزم امام النيران الداخلية التي تطلق أسلحتها في كل اتجاه من الرأس الرئاسي حتى أخمص القدمين، وعند كل طلقة نار.. فتش عن التيار، وهذا المكون السياسي الذي يصفي بعضه من الداخل خرجت أثقاله الى التصفيات الكهربائية وبفعل فاعل تقديره وزيرة الظل ندى البستاني والوزير بالوكالة وليد فياض والمدير كمال حايك والأكبر سنا سامر سليم وكريم سابا المتمارض في السرير، دخلت البلاد في العتمة الشاملة. فوزير الطاقة وليد فياض دعا الى الصبر والمدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك على سفر و”نور اليونان” والكهرباء التي دخلت بندا أساسيا على طاولة الحكومة ضمن خطة الطوارىء لمواجهة أي تصعيد حربي، تعرضت لضربة بمسيرة انقضاضية سياسية أطلقت من منصة التيار وضربت التيار، فتوقفت التغذية كليا على جميع الأراضي اللبنانية، بما فيها المرافق الأساسية بسبب خروج آخر مجموعة انتاجية قسرا عن الشبكة من جراء عدم تأمين الغاز أويل. عادت “قصة الفيول إلى المكيول” السياسي وفي لب المشكلة أن الجانب العراقي ولأسباب تقنية علق تسليم أي باخرة فيول إلى أواخر الشهر، وعليه فقد اقترح وزير الطاقة اللجوء إلى الاستعانة بجزء من فيول السوق اللبناني وتأمين اعتماداته من أموال شركة كهرباء لبنان، وعلى هذا الأساس تمت دعوة مجلس الإدارة للاجتماع واتخاذ قرار بصرف المبلغ المطلوب، لكن الاجتماع أرجىء لعدم اكتمال النصاب أو الاصح بسبب تعطيله عمدا إذ شاءت الأقدار أن كل هذه الشبكة المعطلة يتم تشغيلها من معامل جبران باسيل الحرارية.
انعدام المسؤولية في حال الطوارىء التي تعيشها البلاد، أصاب اللبنانيين بنكسة من داخل البيت السياسي وصعق جبهة الصمود الجنوبية وفي العتمة، تسللت طائرات الاحتلال إلى ليل النبطية بعدما شبه لها معمل الحديد منشأة العماد فارتكبت مجزرة في بلدة الكفور بالعمال وعائلاتهم، واستشهد منهم عشرة من التابعية السورية. وفي وضح النهار وعلى معادلة: مقابل كل مدني مستوطنة جديدة رد حزب الله بنحو خمسين صاروخا أصابت أهدافها في الجليل الأعلى واشتعلت نيرانها في بيوت الصف الأمامي شمال شرق صفد. وبالإجرام المتنقل على قرى الجنوب، واصلت قوات الاحتلال حرب الإبادة على القطاع وبنسخة طبق الأصل عن جريمة الكفور نفذت مجزرة فجر اليوم بمنشأة تؤوي نازحين عند مدخل بلدة الزوايدة، ما تسبب بشطب عائلة كاملة من السجل المدني وهم نيام.
والمجازر التي ارتفعت على خمسين ألفا بين شهيد ومفقود، لم تحرك عجلة التفاوض لسد الفجوات وصولا لاتفاق وقف إطلاق النار، لا بل جرى تحديد نهاية الأسبوع المقبل موعدا لمواصلتها بعد إجراء الفرق الفنية صيانة التفاصيل، ومن خميس الدوحة إلى خميس القاهرة مفاوضات عبثية لا يعرف أين ستحط ومتى ستنتهي وعلى المسافة الفاصلة تضيع الولايات المتحدة الأميركية الوقت لتنفيذ وقف إطلاق النار بالانصياع وراء أهواء نتنياهو، ويكسب بنيامين نتنياهو الوقت لاستمرار حرب الإبادة وبين الزمنين تسعى إدارة بايدن لبث روح التفاؤل على تمنيات بأن يجير نجاح المفاوضات انتصارا لحزبه في الانتخابات، بعد دخول دونالد ترامب شريكا مضاربا في التودد إلى نتنياهو، فطالبه باستكمال الحرب حتى النصر السريع وعدم القبول بالاتفاق، وهكذا تلعب السياسة الأميركية بالأرواح بوجهين لعملة واحدة وتقامر بشعب ينزح من الموت إلى الموت بعدما قلص جيش الاحتلال المناطق التي يسميها بالآمنة إلى اقل من عشرة في المئة من مساحة غزة. والوسيط الشريك في المذبحة أوفد وزير خارجيته أنتوني بلينكن إلى الأراضي المحتلة لمواصلة الجهود لإبرام اتفاق ولتأكيد الدعم الثابت لأمن إسرائيل على متن أسطول بحري مدجج وأربعين ألف جندي على البر والماء والزيت لا يلتقيان.