انسل بنيامين نتنياهو من الصفقة بفرض شروطه وبوكالة غير قابلة للعزل تولى الوسيط الأميركي تغليفها على شكل مقترح جديد واستخرج له بطاقة تعريف بالفرصة الأخيرة ومثل نتنياهو تسلل جنوده إلى حرج حدب عيتا الحدودي في جنوب لبنان حيث المقاومة:
عين تراقب ويد على الزناد…
فتعلم الجنود للمرة الثالثة ان معركة البر ليست نزهة ولن تكون ففي ضربة مرتدة ردت المقاومة عند خط النار على جبهة عيتا مجموعة من الجنود الإسرائيليين إلى أعقابهم بعد محاولة تسلل جديدة.
وأمطرت ثكنات عسكرية في الجليل الغربي بالمسيرات الانقضاضية والقذائف المدفعية فأوجعت وأصابت وقتلت وليست كل ثالثة… ثابتة.
وإلى تل أبيب زمن “العياش” عاد لتتيقن اسرائيل ان ليس كل من اغتالته مات وهي اليوم تقع بين صناعة يحيى عياش.. وحياكة يحيى السنوار، حيث التفاوض يغزل ايضا بهندسة من تحت الارض فمن قلب تل أبيب وصلت جبهة إسناد لغزة متأثرة بمهندس العمليات الاستشهادية.
وبعد توقف دام اثني عشر عاما تبنت الحركتان حماس والجهاد عملية تل أبيب بالأمس وبما يشبه السابع من أكتوبر اخترق أحد الاستشهاديين غلاف غوش دان في ذروة الاستنفار الأمني والاستخباراتي وتركت عملية تل أبيب المستوى السياسي يضرب أخماسه بأسداس المستوى الأمني استعدادا للرد الإيراني اليمني…
ورد حزب الله، الذي قالت مصادره للجديد إن هدفه بات واضحا ومدروسا كي لا يتخذه نتنياهو ذريعة لتوسيع الحرب على لبنان ولم يتبق سوى تحديد ساعة الصفر.
في المفاوضات انتهت “الحفلة” بحسب وصف يديعوت أحرونوت والجولة الثانية المفترضة هذا الأسبوع في القاهرة قد تلغى أو تؤجل.
وفي أسوأ الأحوال قد تعقد شكلا فالمقترح الأميركي الجديد الذي تم تسريبه بعد لقاء الساعات الثلاث بين أنتوني بلينكن وبنيامين نتنياهو كفيل بأن يمنح نتنياهو صك براءة من التعطيل بتبني شروطه كاملة وهو مقترح ” قزم” وقف إطلاق النار إلى هدنة ورماه إلى المرحلة الثانية وضمن سقف محدود ولا ينص على انسحاب إسرائيل من قطاع غزة في المرحلة الثانية وأبقى على احتلال ممر نتساريم لمراقبة العائدين من الجنوب إلى الشمال.
وبموجبه رفعت تل أبيب عدد الأسرى الذين تطالب بإبعادهم خارج فلسطين إلى مئة وخمسين أسيرا المقترح أصدر ورقة تعجيزية…
وإذا اعترضت عليها حماس ستتهم بالتعطيل والربط الخطير بين الإغاثة والاستسلام لا تفسير له في منطق القانون الدولي سوى أنه جريمة حرب باستخدام المدنيين دروعا لفرض الشروط.
ومع عودة الوفد الأمني الإسرائيلي من القاهرة استقر أمر المقترح على استمرار احتلال محور فلادلفيا مع تقليص وجود الجيش الإسرائيلي.
والمريب في الأمر أن الجانب المصري دخل وسيطا لحل أزمة محور فيلادلفيا وهو في صلب سيادته وشريان من شرايين مصر الجغرافية والتاريخية وأن مجرد احتلاله ورفع العلم الإسرائيلي عليه يعد انتهاكا لاتفاقية كامب ديفيد، واعتداء سافرا على كرامة مصر الوطنية.
إلا أن “مصر أم الدنيا” جيرت المهمة لحساب الجزائر الدولة التي أنقذت لبنان من “تيار الظلام” وخرج رئيسها عبد المجيد تبون من صلة الرحم ليطالب بفتح الحدود نحو فلسطين متوجها الى الشعوب العربية الحرة: قلتم لا تثقون بإيران واليوم قفوا خلف الجزائر أمة المليون ونصف مليون شهيد.
فلسطين في قلب الجزائر وشريانها الممتد إلى وريد المغرب العربي ومن لعنة الجغرافيا والوريد العربي استعادت تاريخها الاستشهادي ودخلت مقاومتها مرحلة اليوم التالي بلاد “سيدي عبد القادر” وحدها اليوم تملكت القدرة على نصرة فلسطين.