لم تكد تستوعب صدمة “خرفيش” حتى استفاقت “إسرائيل” على فجر “العبور الثاني”. وإذا كانت العملية المزدوجة والنوعية للمقاومة الإسلامية قد أصابت القبب الحديدية بمقتل وأجهزة الرصد والكشف المبكر بالفشل فإن المقاومة الفلسطينية في رفح تسللت خلف خطوط العدو ونفذت إنزالا بالقرب من معبر كرم بو سالم حاكت فيه يوم الطوفان, وعبر المقاومون الضباب كخيط الشمس وتخطوا ستة ألوية وعشرات المدرعات وأسراب مسيرات الاستطلاع واشتبكوا وجها لوجه مع جنود الاحتلال قبل أن يعودوا إلى قواعدهم.
وانتقمت اسرائيل من فشلها وخسائرها في القطاع بأن قصفت مدرسة تابعة للأونروا تؤوي آلاف النازحين في مخيم النصيرات ما أدى إلى استشهاد العشرات من الأطفال والنساء.
وجنوبا صبت حمم جنونها على المحافظات كافة وشنت غارات صاروخية استهدفت مدنيين فأضافت “وادي جيلو” إلى لوائح الاستهدافبإسناد ناري من الفوسفور المحرم .
ضربتان قاضيتان بين ليل وضحاه كشفتا عمق خلية الأزمة السياسية والفشل القيادي والعملياتي لجيش الاحتلال وأخرجتا المسؤولين الإسرائيليين عن طورهم و”بالكلام” اجتاحوا لبنان وضربوا بيروت ونقلوا الحزام الأمني إلى شمال الليطاني وتقمص بعضهم منصب محمد سعيد الصحاف وتصريحات العلوج والأوغاد قبل أن ترتفع الأصوات من المنابر الإعلامية العبرية.
وتوجه صحيفة “هآرتس” النصيحة للرأي العام بأن لا تصدقوا رئيس الأركان هاليفي إنه يعيش في لا لا لاند والجيش وإسرائيل ليسا مستعدين لحرب حقيقية في لبنان والتي قد تؤدي إلى دمار هائل في الجليل و هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على حيفا ووسط إسرائيل, فيما نقلت صحيفة “معاريف” عن رئيس بلدية “كريات شمونة” أن نتنياهو يقوم بالدعاية الانتخابية بدلا من الانشغال بتحقيق النصر المطلق.
وفيما طالب بيني غانتس رؤساء مستوطنات الشمال بالاستعداد لقتال ولأيام أكثر صعوبة قد تؤدي إلى الحرب نقل موقع “أكسيوس” عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين أن إدارة بادين حذرت إسرائيل في الأسابيع الأخيرة من فكرة حرب محدودة مع لبنان.
وهذه المواقف تتماشى وما أعلنته الاستخبارات الأميركية عشية كشف الرئيس الأميركي جو بايدن عن المقترح الإسرائيلي لصفقة مع حماس عن أن الحركة لا تزال تحتفظ بثلاثة أرباع قوتها وأن نتنياهو يخوض حربا عبثية.
أما في مجريات الصفقة وبعد الاجتماع الثلاثي المصري والقطري والأميركي في الدوحة فقد كشف مصدر مصري أن القاهرة تلقت إشارات إيجابية من حماس حول تطلعها لوقف النار وأن الحركة ستقدم ردها على مقترح الهدنة خلال الأيام المقبلة.
وعلى خط مواز انعطفت دبلوماسية “التهويل” واعيد تفعيل مبادرة مستشار الرئاسة الاميركية لأمن الطاقة آموس هوكشتاين من ضمن حزمة إغراءات لدعم الاقتصاد اللبناني ومن هذا العنوان سلك وزير الطاقة وليد فياض الخط العسكري إلى دمشق وناقش مع المسؤولين السوريين موضوع استجرار الغاز والكهرباء عبر سوريا, وعاد فياض محملا باستياء سوري من عدم وجود مبادرة رسمية واضحة من لبنان تجاه العلاقة مع سوريا في ملف النازحين.