Site icon IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار تلفزيون “الجديد” المسائية ليوم السبت 20/10/2018

قدمت السعودية روايتها عن مقتل الصحافي جمال خاشقجي داخل قنصليتها في إسطنبول، هو “شجار” إذن تسبب “بوفاة”، والمسؤولون عن التدافع الفكري هم من رتب أمنية تبدأ بنائب رئيس الاستخبارات نزولا، ومن أعلى من هذه الرتب ليسوا في موقع الإدانة.

صادق على هذه الرواية كل من انضوى تحت لواء التحالف العربي، كاليمن بوجهه الشرعي سعوديا والامارات وجمهورية مصر العربية. فيما لم يكن لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب أدنى فرصة للمفاضلة، حيث تغلبت المليارات على الإدانات. والسرد السعودي لما جرى في القنصلية، كان بالنسبة إلى ترامب رواية معقولة. لكنها لم تكن كذلك في معسكر النواب الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء، ليندسي غراهام كان مشككا مطالبا بالحق، بوب كوركر اعتبرها رواية غير ذات صدقية، كريس مورفي رأها منافية للعقل، باتريك ليهي اشتم منها رائحة التستر.

الأمم المتحدة انزعجت وطالبت بتحقيق نزيه لكشف المتورطين. منظمة العفو الدولية رأت في القصة السعودية تسترا على عملية اغتيال مروعة. تركيا وعدت بحقيقة شفافة. إسبانيا عبرت عن استيائها. ألمانيا رفضت الرواية السعودية كلها، وطالبت بإيضاحات. بريطانيا تأرجحت على الكلام، وقالت إنها تبحث خطواتها المقبلة. أستراليا أعلنت تراجعها عن المشاركة في مؤتمر الاستثمار العالمي في الرياض.

هذه عينة من آراء كثيرة لم يقنعها الاخراج السعودي، لكن الأهم هو ما سأله النائب الديمقراطي وعضو لجنة الاستخبارات اريك سوالويل: أين الجثة؟. فمن توصل إلى هذه الرواية وقبض على تمانية عشر متهما، وأخرج الحقيقة إلى العلن، لماذا لا يفرج عن الجثة أو يؤشر إلى مكانها؟.

وربطا بهذا المعطى، فإن تركيا أعلنت عبر مسؤول كبير مضيها في البحث عن جثة الخاشقجي، وأنها ستعرف مصيره في وقت ليس ببعيد، وهو الوقت الذي سيكون كفيلا بإنهاء التحقيقات مع ثمانية عشر موقوفا سعوديا، وبإنجاز الهندسة الأمنية عبر لجنة وزارية أسندت إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لإعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة. ورحم الله جمال خاشقجي شهيد الحريات، وأسكن الموقوفين فسيح الجنات، أما الذين جرى إعفاؤهم من مهماتهم الأمنية فقد شكروا للمملكة الثقة التي أولتهم إياها.

عوامل الثقة محليا ليست بأفضل أحوالها بعد انتكاسة التأليف، وقد استدعت حال الطوارىء زيارة قام بها رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ل”بيت الوسط” للقاء الرئيس المكلف سعد الحريري، بحضور “الملاكين” ملحم رياشي وغطاس خوري. ورست آخر الاتهامات بالتعطيل على الجميع، مع التشديد على ثابتة أن الجميع ايضا يسهل ويضحي “ويقدم روحه فداء للحكومة”، لكن في الحصيلة الميكول لم يستقبل الفول، والرئيس المكلف قدر لرئيس “التيار القوي” دوره في التنازل، وأقدم في لحظة عاطفية صادمة على تقبيل رأس جبران باسيل “وبكوا جميعا”.

غير ان “تبويس اللحى” لا يولد حكومات، والعقد ما زالت على حالها بعد الانتكاسة، حيث العدل أساس الحكم، ومقعد المعارضة السنية لم يحسم، والأشغال تقول “أنا يوسف يا أبي”.