لا حصانة للأقوياء حتى أولئك الذين جاء بهم الشعب، فهذه فرنسا تهز الكرسي من تحت ايمانويل ماكرون، الرئيس الطالع من قلب الشباب وحراكهم ومن مجتمع مدني قهر سطوة اليمين المتطرف. فباريس اليوم طوقت بالسبت الأصفر، واقترب المحتجون من الخط الأحمر ومن مقار حكومية ورئاسية، ضمن حراك “السترات الصفراء” احتجاجا على ارتفاع أسعار الوقود وسياسة ماكرون الاقتصادية.
وقود باريس المشتعل، يعطينا دروسا في الحكم، والشارع الذي طوقوه لبنانيا وخنقوا حراكه، والنتيجة: الاثنان خاسران، لا شارع يتحرك ولا حاكم يحكم. واليوم وبعد مئة وأربعة وثمانين يوما على التكليف، ما زلنا في عهد التصريف والأزمة في نظر سيد العهد لم تعد صغيرة لأنها كبرت، وقد استحضرت اليوم “سليمان الحكيم” وحكاية الأم الحقة، قائلا: نريد أن نعرف من هي أم لبنان لكي نعطيها لبنان. ويؤشر كلام “عون الحكيم” إلى حكم بالعدل سوف يتخذه رئيس الجمهورية.
لكن بعد فحص الـDNA السياسي والحمض النيابي للسنة المعارضين، سوف يأتي مطابقا للعينات الانتخابية من دون أي شك في نسبهم، لكن المهم أولا لقاؤهم واحترام تمثليهم النيابي، فتجاهل رئيس الحكومة سعد الحريري لموعدهم، إنما يشكل إهانة لمجلس النواب الذي يعد سلطة تشريعية رقابية برلمانية تفوق السلطات، وعندما لا يكترث الرئيس الحريري لطلبهم الاجتماع به، فهو بذلك يستخف بسلطتهم ولا يقيم احتراما لمجلس النواب.
والنواب أصحاب الدعوة، فتحوا اليوم ثغرة للحريري، وسهلوا الطريق أمام اللقاء، وقال النائب عبد الرحيم مراد ل”الجديد”: “فليحدد لنا موعدا وكل الخيارات واردة، قد نقنعه وقد يقنعنا، وهناك احتمال أن نصل إلى حل”. وهذا الموقف “الرحيم” يسلتزم ردا أكثر رحمة من الحريري، إلا اذا كان المطلوب هو أن يحكم العهد بالتصريف. والمسألة بالنسبة إلى “حزب الله” مرتبطة بحسن النيات لا بالحسابات، وطبقا للمرشد النيابي محمد رعد: “فحسنوا نياتكم تصلون للحلول، وحزب الله لن يكون شاهد زور على تضييع حقوق من يطالب بحقه”.
والحق الضائع دوليا بعد قتل الصحافي جمال الخاشقجي، بدأ يلتمس طريقه من فرعين، في الداخل الأميركي مع الحديث المتنامي عن محاسبة الرئيس دونالد توامب، وفي شوارع بونيس آيرس والكلام للمرة الأولى عن احتمال توقيف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال مشاركته في قمة العشرين في الأرجنتين. ووفقا لل”غارديان” البريطانية فإن أي شكوى ترفع على بن سلمان ستؤدي إلى القبض عليه، لأنه لا يتمتع بحصانة رؤساء الدول. لكن السؤال من هو الانتحاري الذي سيقدم على هذه الخطوة؟.