ارتفع سعر صرف تصريح وليد جنبلاط إلى أعلى معدلاته، وانتقلت صكوكه السياسية من عين دارة إلى رادار المختارة، وهذا الرادار التقط بحسب اللواء النائب جميل السيد إشارات العبور إلى “صفقة القرن”، فقرأ زعيم الجبل تحولات في المنطقة دفعته إلى التموضع.
وبشهادة اللواء المشرف على تفاوض عام 2000 على عهد الرئيسين إميل لحود وسليم الحص، فإن السيد وضع جنبلاط في حصيلة المفاوضات مع تيري رود لارسن والذي عبره جرى إبلاغ إسرائيل استعداد لبنان “ترييح” المقاومة، في مقابل إنهاء احتلال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وفي حينه رفضت إسرائيل هذا العرض. واليوم وكما في عام 2006 يعود جنبلاط إلى القراءة في خلط الأوراق، ليرى عزلة قادمة على “حزب الله” إذا ما انتصر ترامب وحلفاؤه في الخليج، وطبقت العقوبات على إيران، وسارت من خلفها “صفقة القرن”، فينتهي دور الحزب في لبنان. والمسألة بالنسبة إلى جميل السيد: “لا كسارة ولا قصة حجارة”.
لكن استطلاعا آخر ومسحا شاملا أجراه الوزير السابق مروان شربل، جاءت نتيجته أن وليد جنبلاط “ضاقت به السبل وبدو يحكي سياسي”، ومن باب معمل فتوش طرق أبواب “حزب الله”، لأنه لا يستغني عن الحزب ولا “حزب الله” يترك زعيم الجبل. فالخلاف، وفقا لشربل، هو سياسي، لاسيما أن جنبلاط فقد دوره كبيضة قبان.
وعلى تقويم دارة خلدة، فإن المزارع لبنانية بالثلاثة، وقد انتزع الوزير السابق طلال أرسلان الجنسية الوطنية من كل طاعن في ملكيتها، وقال: “من يفكر في التخلي عنها أو في طعن المقاومة هو مجرد من الحس الوطني والقومي”. لتبقى الكلمة الفصل لأهالي المزارع ومالكيها، والذين طالبوا زعيم الحزب “التقدمي” اليوم بوثيقة واحدة تثبت أن المزارع سورية، وعندها فهم على استعداد للتخلي عن جنسيتهم. في وقت لم يعلق جنبلاط على طلب “هيئة أبناء العرقوب”، والتي دعته إلى التراجع عن تصريحه بشأن عدم لبنانية المزارع، وأحالته إلى مواقف الرؤساء الثلاثة في شأن شبعا وتلال كفرشوبا والغجر.
وإذا كان وليد جنبلاط لم يحترم مبدأ السيادة على الأرض، فإن عدم الاحترام من شيم الكبار المشرفين على العالم، ويحركون قادته كالدمى، وسط ضغط وابتزاز في دفع الأموال لقاء الحماية. واليوم كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن مضمون اتصال مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، بشأن دفع الرياض ثمنا للحماية العسكرية التي توفرها لها واشنطن. وقال ترامب خلال تجمع في ولاية ويسكونسن إنه خاطب سلمان بالتالي: “أيها الملك، لقد أنفقنا الكثير ونحن ندافع عنك، وأنت تملك الكثير من المال”. حينها قال ملك السعودية: “لكن لماذا تتصل بي؟، لا أحد أجرى معي اتصالا كهذا في السابق”، فقال ترامب: “هذا لأنهم كانوا أغبياء”.
هذه أميركا، على صورة رئيسها الذي لا يوفر مناسبة إلا ويظهر زعماء عربا في موقع من يسدد الفواتير، وأنه الزعيم القابض على العرش.