التقط البيان الوزاري أنفاسه، وعد للتناول غدا في جلسة تسبق الثقة، ممهدا لخطوات سماها مصيرية، وأدوات علاج ستكون مؤلمة. وبما يشبه التحذير، قال البيان الوزاري: مخطئ من يعتقد أنه سينجو من انهيار الاقتصاد والأمن ومن غضب الناس، فلنتواضع جميعا ولنعترف بأن استعادة الثقة تكون بالأفعال لا بالوعود.
والمرحلة بالنسبة إلى المسودة الوزارية خطرة للغاية، وهي تقول للحكومة السابقة: مشاكلكم ورثناها، تماما كما ورثها الشعب اللبناني بجميع أبنائه، سواء المحتجين في الساحات أو الجالسين في المنازل، هنا أو في المهجر، وإننا وانطلاقا من الحس الوطني وافقنا على تسلم هذه المهمة في ظروف ندرك حجم مخاطرها ودقتها.
وهذا الوضوح يرمي المسوؤلية على حكومات سابقة، لكأنه يخاطبها بالقول: أشكرونا على أنا قبلنا تلقف كرة ناركم، وما فعلتموه بوطنكم، ولا تمننونا بالثقة وحجبها، فنحن الموقعون أدناه حكومة حسان دياب لا نثق بكم وبأصواتكم، فهذه مسودتنا التي جاءت لتنظف سوادكم المالي الاقتصادي والسياسي. ولذلك حرص البيان على القول: جئنا نطلب الثقة، فيما نحن وأنتم نواجه اعتراضا شعبيا لا تنفع معه المكابرة، فالناس يشككون في شرعيتنا جميعا ومنقسمون حولها. أي إن حكومة دياب تقول للكتل النيابية التي تهدد بحجب الثقة وبحضورها: إبحثوا عن استعادة ثقة لوجودكم بين الناس قبل أن تحاربونا بها.
وإلى جانب الإجراءات القاسية ضمن خطة المئة يوم، وعدت الحكومة بإقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والإسراع في تنفيذها، وحثت النيابات العامة على تحريك وملاحقة الملفات التي تعتريها شبهة الفساد والجرائم المالية ومتابعة التحقيقات، واتخاذ الإجراءات اللازمة بخصوص الأموال التي حولت إلى الخارج بعد السابع عشر من تشرين خلافا للقانون. والتزم البيان أنه في أقل من سنة سيعمل على استرداد الأموال المنهوبة، من خلال إقرار مشروع قانون يكافئ من يساعد في الكشف عن الجرائم التي تستهدف المال العام المكتسب بشكل غير شرعي، ليصار إلى استرداده بما في ذلك ما جرى تهريبه إلى الخارج عبر المصارف، كما ستستعين الحكومة بمؤسسات متخصصة للكشف عن هذه الأموال.
وزينة البيان.. السلاح، ومن دون مواربة واستعانة بأدبيات اللغة العربية القابلة للتأويل، قال البيان: إننا لن نألو جهدا ولن نوفر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أراض لبنانية محتلة، وحماية وطننا من عدو لما يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثروتنا. وتؤكد الحكومة على واجب الدولة وسعيها لتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر، وذلك بشتى الوسائل المشروعة، مع التأكيد على الحق للمواطنات وللمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الاسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأرض المحتلة.
ويتخذ بند مقاومة اللبنانيين لاسترجاع أرضهم أهمية قصوى، بعدما وضع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أراضي شبعا اللبنانية على خريطة “صفقة القرن”، إذ إن لبنان سيكون من أول وأكثر المتضررين عندما يختلط الخط الازرق بحدود ليس لها حدود، ويصبح خطا أحمر يعصب على الأمم المتحدة أن ترسم معالمه، والضرر الأبعد مدى هو توطين اللاجئين الفلسطينين على أرض لبنانية، وقد يضاف إليهم مرحلين مبعدين من الأرض المحتلة، على أيدي عصابات إسرائيلية- أميركية مختلة. ومن هنا فإن لبنان في قلب هذا الصراع، ولن يتمكن هذه المرة من تطبيق معادلة النأي بالنفس.