اندلعت صفارات الإنذار الروسية، في قلق سياسي مبكر، يحذر من تخطيط واشنطن لضربة عسكرية في سوريا، تحت مسميات استخدام دمشق للمواد الكيميائية السامة. وأرفقت وزارة الدفاع الروسية إنذارها، بتقديم أدلة على تحضير مجموعات إرهابية لضربة سامة يتهم بها النظام. فيما تبرع مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جون بولتون، برسوم عسكرية متحركة، وتوجيه ضربات أخرى ساحقة ضد الجيش السوري، إذا ما استعملت دمشق أسلحة كيميائية.
ترسم هذه الإستراتيجيات العكسرية لرد الضيم الداخلي عن رئيس أميركا، فدونالد ترامب قرر النزوح إلى سوريا، وتقديم اللجوء العسكري الذي وحده قادر على تخفيف آلام العزل، وصرف الأنظار عما يعانيه ترامب في الداخل الأميركي من إجراءات غير مسبوقة، قد تقود إلى إدانته وخلعه عن الرئاسة.
لكن العوامل المؤسسة لقرار ترامب، هي جنوحه إلى الجنون والخيارات المعتوهة فقط لا غير، أما المؤسسات الأمنية الأميركية فلن تعطيه حق التنفيذ، وخياراتها على نقيض قراراته الهوجاء. والرجل “بالكاد” حاليا يسوي أوضاعا سياسية وقضائية، تضعه على كف عفاريته التي زرعها منذ حملته الانتخابية. وكل ما سيقوى عليه ترامب هو مصارعة بيته الداخلي، الذي إذا ما انتصر عليه فسيحدث أول سابقة تربك العالم منذ عهد الرئيس ريشتارد نيكسون، أما مراسم العزاء في العزل فسوف تتم في كل من إسرائيل والسعودية.
وفي وقت يجاهد ترامب للبقاء على قيد الرئاسة بصلاحياته الكاملة، فإن العزل الحكومي في لبنان دخل مرحلة الدراسات والمطالعات القانونية، وأبرزها ما أفرزته بنات أفكار وزير العدل سليم جريصاتي، من دراسة سوف يستند إليها الرئيس، وتخلص إلى حلول لا تستبعد الاعتذار عن التكليف، حتى وإن كلفت الشخصية نفسها مجددا في معرض الاستشارات النيابية.
على أن أولويات رئيس الجمهورية حاليا، بدا أنها ترتكز على فتح خطوط مع سوريا لمصلحة الخير اللبناني سياسيا واقتصاديا. ولتفعيل العلاقة فإن كل الخيارات مفتوحة وغير مستبعدة، بما فيها احتمال زيارة الرئيس ميشال عون دمشق، أو تكليف المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم تعبيد طريق بعبدا- الشام رئاسيا. فانفتاح اللواء ابراهيم على الداخل السوري، عبر تنسيق الملفات الأمنية وتلك المتعلقة بالنازحين، سيجعله مؤتمنا على طرق الأبواب الرئاسية في سوريا، لسؤالها عن فتح معبر “نصيب” إذا ما كان هذا الطلب مقرونا بزيارة الرئيس.
وساعتئذ: فليرض من يرضى وينأ من ينأى، ما دامت مصلحة لبنان العليا الهدف الأسمى من أي نكد سياسي.