حملوا مهلة الستين يوما واخترقوا أولى ساعاتها وقبل الرابعة فجرا حجزوا مكانهم عند ابواب القرى إيذانا بالصلاة جماعة في حماها هو شعب لا حل معه, يموت واقفا ويعود خاشعا, ينكسر ولا يقع, لحق به اذى ودمار وخسارات.
لكنه وطئ القرى والبيوت ممتنا صابرا صامدا في نزوحه محتفلا بوقف اطلاق النار الذي اتاح له تنشق رائحة الارض وقوافل عادوا, كانوا يفرون جنوبا وبقاعا وضاحية ويواعدون ترابا كان يستقبل مطر الشتاء وحده مواكب العائدين كانت صورة وطن لا يموت, يقوم من رماده, ويقبض على الحسرات التي انهمرت عليه في خمسة وستين نهار نار هو ليس انتصارا ويعرفون انه انكسار الروح.
لكنه حكما هو فعل صمود وتمرد على الخسارة، والطلوع من قلب النار بقلوب تنبض بفرح البقاء وقوافل النهار الطويل اصطحبت معها البسمة والغصة معا.. حيث كان طيف السيد حسن نصرالله بينهم يرافق مسيرتهم معتذرا عن عدم الحضور بداعي الشهادة ومع كل الألم الذي اختزن قلوب الناس فإنها كانت الدولة.
بغياب اي خطة للدولة لترتيب عودة النازحين واعادة الاعمار وفي يوم المسير الطويل حكايات تروى ومفاجآت عن شهداء اكتشفت امهاتهم انهم أحياء.. وعن راعي الغنم الصامد.. و”ختيار” الشرفات الذي رفض النزوح.. وعن بنت جبيل التي ظل مثلثها عصيا على الاحتلال.
ولا يزال للأيام المقبلة بقية ولن تكون البقية على حساب الناس وحدها لأن القرى جنوبا وبقاعا وضاحية بيروت ستحتاج الى آليات رسمية لرفعها من تحت الانقاض وهذه الاليات تنحصر حاليا بأولويات انتشار الجيش في الجنوب وتقديم خطة لمراحل الانتشار تنفيذا للقرار 1701 ومندرجاته وسيكون على لبنان التزام البنود الثلاثة عشر الواردة في المقترح الاميركي لوقف اطلاق النار وحدد نص الاتفاق مهلة ستين يوما لإنسحاب الجيش الإسرائيلي إلى جنوب الخط الأزرق وإنتشار الجيش اللبناني جنوب الليطاني بشكل تدريجي, وتنفيذ الإلتزامات المنصوص عليها.
لكنه لم يلحظ مدة زمنية لتطبيق الفقرة 13 التي تنص على تسهيل المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل ولبنان بهدف حل النقاط المتنازع عليها على طول الخط الأزرق بما يتفق مع القرار 1701، علمأ بأن الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة مرسمة ومثبتة في اتفاقية الهدنة الموقعة بين لبنان وإسرائيل عام 1949، والتي اعترفت بها إسرائيل آنذاك.
وفي حال بقيت هذه النقطة خارجة عن تحديد زمن الانسحاب من اراض تحتلها اسرائيل فإن تركها للتفاوض قد يستغرق وقتا طويلا كمثل مفاوضات اوسلو التي أزهقت من عمر الفلسطينيين ثلاثين عاما من دون ان يرى الاتفاق النور وما خلا هذه النقطة الملتبسة بمواعيدها فإن لبنان بدأ تطبيق بنود الاتفاق الذي كان حاضرا في اجتماع مجلس الوزراء اليوم بمشاركة وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزاف عون.
واتضح من مسار الجلسة ان الوزير سليم شارك في الجلسة بعدما شعر بالخجل من الغياب في هذا التوقيت الحرج .. ولانه لن يترك قائد الجيش يحضر وحيدا كممثل للعسكر والى جانب المتابعة اللبنانية لتنفيذ بنود الاتفاق .. فقد حضرت فرنسا بشخص جان ايف لودريان للاشراف على التنفيذ ولاستطلاع الآفاق الجوية في مدار رئاسة الجمهورية.