ما سرب شفهيا صار مكتوبا برد خطي من المحقق العدلي إلى النائب العام التمييزي. و”المكتوب ما منه مهروب” .
حتى اللحظة التي وصلت فيها الأمور إلى “المنخار” مع مسؤول الأمن والارتباط في حزب الله وفيق صفا بقيت الأمور طي التساؤل وارتسمت علامة استفهام كبيرة حول الجرأة في اعتماد أسلوب المافيا في توجيه تهديد مباشر إلى محقق عدلي يحقق في جريمة العصر وإن كانت السيرة الذاتية للحاج وفيق حافلة بالتدخل في عمل القضاء وظله مقيما في قاعات المحاكم وأروقة العدلية والعسكرية وحتى الجمركية.
ومنذ اللحظة التي رد فيها القاضي طارق البيطار على رسالة “الصفا” صار التهديد موثقا ومدعما بما لا يقبل الشك ففي معلومات الجديد كان جواب البيطار أن الرسالة وصلت وردي أنني أقوم بما يمليه علي واجبي المهني وسوف أستمر في ذلك ما دمت محققا عدليا. بقي البيطار على وعده أهالي الضحايا في انفجار المرفأ بأن دماءهم أمانة في رقبته لكن صفا ما كان ليتجرأ على تهديد قاض “بالقبع المباشر” لو لم يلقم هذا التهديد بذخيرة المواقف السياسية ومن أعلى المستويات الحزبية فالقاضي بيطار محاصر من كل جهات المنظومة واتهامه” بالمسيس” وفي غير مناسبة جاء على لسان الأمين العام لحزب الله شخصيا الذي اتهمه أيضا بالاستنسابية في التعاطي مع ملف تحقيقات المرفأ وذهب إلى حد المطالبة بتغييره. تعود مسؤول الامن والارتباط في حزب الله أن يكون أمره مطاعا في كل محافل الدولة إلى أن تجرأ عليه المحقق العدلي وقال: الرسالة وصلت ولكن سأقوم بما يمليه علي واجبي المهني فماذا لو حصل ما لا تحمد عقباه هل يحتمل حزب الله نتائج ما اقترفه مسؤول أمنه وارتباطه؟
القاضي بيطار يحقق بحسب الأصول والمدعى عليهم كل يسير وفق أصوله السياسية والطائفية . وجعلوا من الارتياب المشروع هروبا من وجه العدالة بممرات غير شرعية فوزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس تمرد على مذكرة المحقق العدلي وطلب نقل الملف من يده بذريعة الارتياب المشروع وبعضهم ” أخطأ العنوان” وعن قصد أو عن غير قصد لجأ وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق إلى دار مفتي الجمهورية اللبنانية ليضع المقام في مواجهة مع القضاء ومن على منبر دار الإفتاء طالب بتحقيق دولي في انفجار مرفأ بيروت للوصول الى الحقيقة . كلما أراد المشنوق الهروب الى الأمام ورط دار الفتوى “ويا دار دخلك شر” وما عليها إلا رفض استخدام منبرها لغاية في حماية طائفية والمشنوق ذهب في توريطه دار الإفتاء أبعد من ذلك إذ قال “إذا أمن الدولة مضيعين عنوان الرئيس حسان دياب فعنوانه دار الإفتاء” متحديا الدولة وأجهزتها “خليهم يجوا يشوفوا إذا فيهم يلزقوا لصقا على الباب تبليغ حدن أو إحضار حدن” تصريح خطر للمشنوق لا يقل خطرا عن تهديد صفا ولم يكن ينقص موقفه إلا سؤال المحقق العدلي ” إنت عارف حالك مع مين عم تحكي” بلد محكوم من مافيا سياسية تتلطى خلف حمايات طائفية ارتكبت أفظع جرائم العصر وترتاب بفعلتها هربا من معرفة الحقيقة ،
وبينما هي تخوض معركة وجودها بالحصانات وتطالب بنقل الدعوى إلى المجلس الأعلى لعدم محاكمة الرؤساء والوزراء أدرجت فرنسا جريمة مرفأ بيروت في كتاب التاريخ والجغرافيا كحالة تجب دراستها للوقوف على مخاطر مادة نيترات الأمونيوم فيما هذه المادة تسرح وتمرح بين آل الصقر وإخوانهم وها هو شريكهم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يستبق التحقيقات والقرار القضائي بإصدار مذكرة براءة بآل الصقر . وفي جمهورية النيترات فإن آخر الدواء هو شحن السلطة السياسية على متن سفينة النقل السريع التي وصلت إلى المياه الإقليمية اللبنانية.