قبل صياح الديك كانت صفيحة البنزين ترتفع عن سطح الخراطيم ستين الف ليرة بمعدل يوزاري نصف الحد الادنى للاجور في الصفيحة الواحدة وأربعاء التسعيرة المجنونة سيسري تاليا على سائر المحروقات وعبوات الغاز وسيهدد عائلات الجبال والأرياف التي بدأ البرد يلفح قراها ويسكن بين مدافئها وعلى هذا الواقع لم يخرج مسؤول أو نقابي يتحمل مسوؤليات ، فوزارة الطاقة عزلت محركاتها والاتحاد العمالي بشر بأن سعر صفيحة البنزين قد يلامس أربعمئة ألف ليرة .. أما نقيب موزعي المحروقات فادي أبو شقرا فقد بدأ بنظم الشعر والقوافي مستحضرا معها أرواح ليلى عبد اللطيف لاستشراف المستقبل المحروق ، فيما جبهات المعارضة والحراك المدني ورموز السابع عشر من تشرين دخلوا صومعة الإعداد للانتخابات النيابية لكن إذا استمرت وتيرة الارتفاع على حالها فلن يبقى شعب يذهب إلى صناديق الاقتراع.
وإذ صمد الشعب فلن يكون بإمكانه أن يتحرك وسيجري عزله في المنازل بعد أن يتعذر الوصول.
وعلى الرغم من اشتداد الأزمة على المواطنيين فإن حركات الاحتجاج في الشارع جاءت اليوم أقل من خجولة ..في وقت الإنقاذ فيه أحوج ما يكون إلى سلسلة بشرية يشبكها الحراك المدني على صورة أيام الثورة النقية.
وعلى منصة حكومة معا للإنقاذ فإنها لم تتمكن حتى اليوم من استعادة مشهدها الجامع وزاريا وهي تستعيض عن ذلك باجتماعات “حكومية بالمفرق ” بين السرايا وبلاتينوم ومع تردد أنباء عن قرب التوافق الرئاسي على انعقاد جلسة مجلس الوزراء قالت مصادر الجديد إن الرئيس نجيب ميقاتي سيجري صبحية سياسية مع رئيس الجمهورية ميشال عون غدا الخميس ضمن موعد متفق عليه قبل ثلاثة أيام لكن ليس بالضرورة أن يخرج هذا الاجتماع بتوافق على استئناف الجلسات الوزارية وذلك في انتظار ضمانة تثيبت الحل السياسي علما أن وزير الثقافة محمد مرتضى الذي يمثل أمل في الحكومة كان قد مهد طريق العودة متخليا عن الشروط المسبقة، غير أن ميقاتي لم يتلقف الى الان هذا الخيار وآثر الذهاب الى اجتماعات وزارية عالقطعة وبينها اجتماع موسع غدا للجنة تداعيات الازمة المالية على سير المرافق العامة ويحضرها وزراء بينهم شيعة وقد فرض هذا الاجتماع نفسه على الوزراء بعدما تبين أن ادارات الدولة أصابها الشغور المفاجىء بسبب عدم قدرة الموظفين على الالتحاق بأعمالهم نظرا الى أزمة المشتقات النفطية وارتفاع أسعار التنقلات وفي بيروت .. تنقل أميركي على خط ترسيم الحدود حيث أجرى رئيس الوفد الأميركي للمفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة آموس هوكشتاين محادثات استطلاعية مع الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية ولفت الى أن الوسيط الاميركي استبق الجولة بنشر كلام عما سماه الطاقة المؤدية إلى السلام والذي سيشكل حافزا نحو تسوية بين “عدوين”.
فما شأن لبنان في رسم خرائط تسويات وسلام وطاقة .. فيما كل ما هو متوقع من الدولة اللبنانية أن توقع مرسوم التعديل وترسله الى الامم المتحدة التي من مهامها تشكيل لجنة تقنية لبت النزاع وتحديد خط التفاوض ما اذا كان خط 29 الذي يطالب به الوفد اللبناني المفاوض .. او خط 23 كما تصر اسرائيل.
واما الاعتماد على الوساطة الاميركية… فإن الولايات المتحدة لم تدخل ملفا يتعلق باسرائيل وكانت فيه عادلة فكيف والحال هذه اننا امام موفد اميركي تقول تل ابيب نفسها انه خدم في جنديتها.