في أقل من أربع وعشرين ساعة كانت سحب النيران تنقشع عن موسكو وعموم روسيا، بعدما نجحت وساطة رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو، بالتوصل الى اتفاق مع قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجيين، حيث يتجه الى مينسك كلاجئ سياسي وبالحل السريع تكون بيلاروسيا أمسكت بيدها كرة الحرب ودفعتها بعيدا عن البلاد الأم وأمنت حلا بالتراضي لزعيم حرب الشوارع سرعة لم تتخيلها الخارطة العسكرية وفاجأت من كانوا ينتظرون على نار لاندلع النار.
وإذا كان العالم قد تعاطى مع الحدث الروسي بدهشة وريبة، فإن لبنان لم يكن في موقع إبداء الرأي سوى من خلال الحسرة على سرعة الحلول فدول البلقان كانت تعيش في لحظة دولية على شفير حرب، وتمكنت بوساطة الحلفاء من نزع الفتيل, أما هنا فإن ثمانية أشهر على الفراغ الرئاسي ولا انتخاب على الرغم من تدخل دول خمس وتحريك الوسطاء وآخرهم جان ايف لودريان، وإذ غادر الموفد الفرنسي على وعد العودة في منتصف تموز المقبل، فإن كل المحصول الاستقصائي الذي خلص اليه لن يخوله من تحقيق المعجزة و”أعلى ما في خيله” وخيلنا هو ركوب موجة الحوار والتي ستأخذ اللبنانيين الى صراع متحور من التمثيل وورقة العمل ومكان هذا الحوار والراعي الرسمي له سياسيا، وربما ماليا.
ولليوم فإن كل هذه العوامل غير متوافرة، وصيف الانتخابات مؤجل لحين بلوغ خريف الرئاسية. ومع غياب الصندوق الإنتخابي “انتخبنا تيمور” رئيسا للحزب التقدمي الاشتراكي و”بدموع العين” فبكاء زعيم الحزب وليد جنبلاط أثناء كلمة نجله تيمور بلل الحفل الإنتخابي واستحضر لحظة وجدانية في التسلم والتسليم على عبارة “سر يا تيمور، سر ولا تخف”، والتقط جنبلاط الاب الصورة التذكارية لخلفه بكاميرته الخاصة لكن الصورة اللبنانية في كادرها الأوسع سوف تظل تعترف بوليد كمصور خاص للمشهد السياسي المربك وتحجز له مكانا في الازمات وحلولها وبيض قبانه، ومن هذه الحلول التي مشى جنبلاط بالدعوة اليها هي الحوار قائلا إنه السبيل الأوحد للوصول إلى التسوية وتكريس المصالحة، وتمنى أن تستمر المسيرة مع من أسقطنا معهم شعار 17 أيار.
وبنفس حواري تحدث رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محد رعد قائلا للخصوم: لنجلس ونتفاهم ونقنع بعضنا بعضا و”صحتن ع قلب الي بيطلع”.. فنحن نعترف أننا لا نستطيع أن نأتي بمرشح من دون تعاونهم ولا هم كذلك: فما الحل؟ الحل هو التفاهم أجاب رعد. واضاف الى اجوبته ” اهلا وسهلا” باي دور مساعد، سعودي قطري الماني لكن تعالوا لنتفاهم. فهل ستؤشر هذه الدعوة الى بدء تركيب الطاولة الدولية برعاية عربية؟
وبالتزامن مع تكرار الاسئلة عن الدور والمكان وطبيعة الحوار والحراك الفرنسي الذي سيصب في القناة السعودية لاحقا برز تطور في ترفيع نزار العلولا، بأمر ملكي سعودي وتعيينه مستشارا بالأمانة العامة لمجلس الوزراء بالمرتبة الممتازة. وهذا التعيين سيعزز من حضور العلولا في الملف اللبناني.