عندما سقط مبنى صحراء الشويفات على صورة الانهيارات في غزة انما كان لبنان يرى نفسه في مرآة عمارة آيلة للسقوط. فعلى كتف بيروت يشقع الثقل العمراني مع كل تداعياته في البناء المخالف والعشوائيات وسيل المدراء والمسؤولين الواصلين بعد وقوع الكارثة . وصحراء الشويفات مجسم عن البلد المتداعي في مؤسساته وفساده من عمق اساساته .. والنتجية نزوح على نزوح ولجوء لسكان نجوا بانفسهم عبر الحاسة السادسة وليس بانذار من السلطات المعنية او البلديات. والسقطات السياسية والروحية تكاد تسابق الانهيارات العمرانية وليس آخر المعارك يتجلى في تحميل أثقال لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ودكه براجمات حزبية سياسية وكنسية,ما دفع بميقاتي الى رد يختصره بان الحكومة تقوم بتسيير امور الدولة والعباد، فيما سواها يمتنع عن القيام بواجبه في انتخاب رئيس جديد لاعادة الانتظام الكامل لعمل المؤسسات الدستورية.انتخبوا رئيسا ليرتاح لبنان. وعظة الاحد السياسية لنجيب ميقاتي وردت بعد اسبوع من الآلام والاتهام المتواصل والذي تفعلت حملته على إثر تعيين رئيس للاركان. وما أعقب ذلك من مواقف للبطريرك الراعي وحديثه في عيد مار مارون عن عملية إقصاء مبرمج للموارنة عن الدولة بدءا من عدم إنتخاب رئيس للجمهورية، وإقفال القصر الجمهوري والعودة الى ممارسة حكم الدويكا. واذا كان البطريرك الماروني يمثل في مخاوفه لبنان ومسيحيه وسائر المشرق, فإن نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب ظهر على صورة يمثل فيها الكونغرس الاميركي ومجلس العموم البريطاني والدوما الروسي والجمعية العمومية الفرنسية والاليزيه والمستشارية الالمانية لاسيما عندما عاد من الخارج مباشرة الى عين التينة واعلن من هناك البلاغ العسكري رقم واحد وقال انه قام بزيارة الى أميركا وفرنسا وبريطانيا لابعاد شبح الحرب. والعالم كله توجه بالشكر والامتنان لمساعي بوصعب الفاضلة والتي سيطرت على رقعة الحرب وأبعدت اشباحها, في وقت أن اقصى زيارة له الى الخارج كانت تسفر في السابق عن نتائج وخيمه ..مضمونها النميمة على جيشه. وادى بوصعب في عين التينة كذلك مهام النميمة الطائفية وابلغ رئيس مجلس النواب ان الرئيس ميقاتي يتعدى على الصلاحيات ويقوم باستفزاز شارع طويل. والشارع الطويل إنما سعره طائفيا فريق بوصعب السياسي فقسم المؤسسة العسكرية الى ركنين : وزير وقائد, واحتجز حرية وزير الدفاع موريس سليم في التسمية والتعيين وقبل ذلك منع وزراء التيار من المشاركة في مجلس الوزراء, وجلس الجميع يتفرج على الدولة تنهار. ويحارب بوصعب بسيف التيار وهو الذي يضع نصف قدم بميرنا الشالوحي والنصف الاخر في كل مكان, لكنه آثر الضرب بيد طائفية متأثرا بجروح بالغة أصيب بها جراء نزيف التيار الطائفي منذ بدعة حراس الاحراج الى خفراء الجمارك اليوم. غير ان النتائج التي اسفرت عنها جولة ” البوصعب” العالمية جاءت بحصاد للتاريخ .. حيث تتقدم اسرائيل يوميا في قواعد الاشتباك مع لبنان .. فيما يعتزم بنيامين نتناهو اجتياح رفح والاطباق على مليون ونصف مليون فلسطني محاصرين بلا طوق نجاة . فمصر تحسبت وحشدت عسكريا لمنع التدفق اليها واسرائيل تعزز ألويتها على الجبهة الشمالية واعلن رئيس اركانها هرتسي هاليفي نقل الفرقة المدرعة 36 من قطاع غزة إلى الحدود مع لبنان. ومع انسداد شرايين الحياة في رفح لن يبقى من خيار للمقاومة في لبنان سوى الانتقال الى الخطة المؤجلة منذ سنوات.
وعلى مر سنوات التخطيط كان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يردد في اكثر من مناسبة : “لن يعلموا من أين سندخل إلى الجليل .. ، ونحن قادرون على ذلك. وهذا الامر تحسبت له اسرائيل عبر اعلامها ودعت جنرالات الحرب الى اليقظة من هذا التوجه المباغت . وغدا : خطة الدخول الى الجليل كما روتها الجديد قبل سنوات.