لبنان مسرح جريمة مفتوح على كل التحليلات وعلى ثأر القوات لكن مرجعيتين عسكرية ودينية أمسكتا بأوتار البلد ومنعتا العزف عليها لتأليف قطعة سياسية تنتهي بالشارع .
وليس بالخفاء قاد العماد جوزيف عون حرب الإطفاء وتشكل جنديا في صفوف الخدمة العابرة للفتنة، وعمل بدوام كامل ضابط ايقاع لسحب التوتر السياسي واقامة حواجز طيارة لتوقيف العابثين بالأمن على الهوية.
أدلى قائد الجيش بمعلوماته أمام الراعي والرعية السياسية، وأبلغهم بأن جريمة مقتل باسكال سليمان ارتكبتها عصابة سرقة لها سوابق جنائية،
وكان لرأي حكيم العسكر مفاعيله على الكنيسة وسيدها، إذ دعا البطريرك الماروني الى التروي وضبط النفس في هذا الظرف الدقيق والمتوتر سياسيا وأمنيا واجتماعيا وطلب من وسائل الإعلام عدم إطلاق تفسيرات مغلوطة وتأجيج نار الفتنة مشيرا الى ان زوجته المفجوعة أعطت اللبنانيين امثولة عظيمة بردة فعلها: “نحن أبناء القيامة، أبناء الرجاء”.
ولم تتلفظ بعبارة ثأر او قتل وختم: حمى الله لبنان وشعبه من الأشرار لم يقنع ذلك القوات اللبنانية التي أعادت رسم زياح الجريمة السياسية على مقتل مسؤولها في جبيل وأنزلت في بيان رقم 2 الاسباب الموجبة للجريمة وبينها وجود حزب الله ومقاومته وسلاحه غير الشرعي الذي ادى الى تعطيل دور الدولة وأفسح في المجال أمام عصابات السلاح .
والمشكلة الأساس من وجهة نظر القوات تكمن في جزيرة “حزب الله” المولدة للفوضى، بالحدود السائبة التي حولها الحزب إلى خط استراتيجي بين طهران وبيروت تحت عنوان وحدة الساحات فألغى الحدود اما العامل الثالث الذي قلل من هيبة الدولة قواتيا فهو ما اسمته معراب ب “خصي” إدارات الدولة القضائية والأمنية والعسكرية وغيرها من خلال منعها من العمل في مناطق معينة. غير أن إخصاء سياسيا وصل الى الدكتور سمير جعجع من الجانب الاميركي،
وعلم ان كبسة اميركية باغتته عبر رسالة تحذير من التشكيك برواية الجيش ودور قائد الجيش الذي خاضت القوات معركة التمديد له على راس المؤسسة العسكرية. وإذ أمهلت القوات لبنان واللبنانيين في عيد الفطر فإن المشهد سيصبح اكثر انقشاعا بعد مراسم دفن المغدور باسكال سليمان يوم الجمعة في كنيسة مارجرجس جبيل التي سيرأسها البطريرك الراعي بطلب من نواب القوات اللبنانية.
ودفن الضحية لن يدفن حقائق منتظرة من الاجهزة الامنية لكشف بقية عناصر الجريمة وتوقيف المتوارين من افرادها، والاهم هو الوصول الى اجماع لبناني على معالجة ملف النزوح السوري وترتيب عودة عاجلة رغم انف الامم ، فكل الاحصاءات والتصريحات والانذارات من المسؤولين اللبنانيين أنذرت وتنذر بهذه الصواعق المتفجرة، إذ كشف وزير الداخلية بسام مولوي ان خمسة وثلاثين بالمئة من الموقوفين بالسجون هم من التابعية السورية،
والاخطر ما كشفه وزير المهجرين عصام شرف الدين للجديد من أن هناك عشرين ألف مسلح داخل المخيمات “بينطلبوا” في ساعة الصفر.
تقود هذه التصريحات المأساوية الى خواء في المعالجة واستسلام لمجتمع دولي ومصالح اوروبية قررت اعتبار لبنان وطن نزوح دائم ، وبعض هذه الدول ومنظماتها وجمعياتها يقودنا من مؤتمر نزوح الى منتدى لجوء ويتاجر بنا وبالنازحين من دون ان يتحصل لبنان على ” فلس الارملة ” من الاموال المخصصة لهذا الملف .
ولا يصل هذا البلد الا الارتفاع في معدل الجريمة.