غطت العاصفة هبة سواد لبنان بالبياض وفرضت بردا قارصا بمنخفض جوي لامست درجات حرارته الصفر في بعض المناطق وهي إذ وزعت ثلجها وجليدها بالتساوي وأشلت الحركة في البلاد فإنها جمدت الحرارة في العروق السياسية وفرضت عزلة كاملة حتى على المواقف.
هبة ستنسحب غدا على أن تعاود نشاطها الأحد وفي ظل عدم وجود مقومات الصمود في وجه العواصف من كهرباء ووسائل تدفئة فإن اللبناني وعلى طريقته في تحويل المأساة إلى ملهاة قلل من تأثيرها وما دامت “هبة” فالمسؤولون سيستولون عليها قبل وصولها.
لبنان تحت تأثير عاصفة قطبية ومتى ما ذاب الثلج فإن ما تحت المرج سيبقى على حاله من فك أسر الحكومة والعودة المشروطة إليها ارتباطا بملف تفجير المرفأ وتبعات التحقيقات فيه إلى الأزمة الاقتصادية والمعيشية والانهيار الحاصل على كل مستوى.
وبمفعول رجعي عن مطالبة المحقق العدلي بالإفراج عن القرار الظني فإن آخر المواقف المطالبة صدرت عن التيار الوطني الحر رئيسه جبران باسيل وبجردة حسابية يسيرة يظهر أن المسؤولين صرفوا الوقت في كف يد القاضي بيطار بواحدة وعشرين دعوى ولم يسلكوا سوى مسار التعطيل والعرقلة, وأن المحقق العدلي ممنوع عليه العمل منذ شهرين ونصف وموضوع في التصرف, ومن يطالبه بإصدار القرار ما عليه سوى إطلاق يده في متابعة التحقيق.
وحتى يستقيم عمل القضاء ارفعوا أيديكم عنه وتوسطوا مع حلفائكم وأفرجوا عن التشكيلات القضائية أما طريقة تعامل حزب الله مع جريمة المرفأ وتهديداته للقاضي بيطار وربط مصيره بمصير سلفه القاضي صوان كلها جعلت حتى من يعيشون على هامش الحياة السياسية يتعاطفون معه.
وفي هذا الإطار برز موقف لأمين حزب الله السابق صبحي طفيلي الذي قال في حديث الى وكالة الأنباء المركزية إن الحزب لم يتراجع عن قبع المحقق العدلي في قضية المرفأ. وفي الواقع غاية الحزب هي قبع المرفأ والمحكمة والقضاء دفعة واحدة.
أما الحديث عن العودة إلى مجلس الوزراء تحت دوافع معيشية فوصفه طفيلي بالوقاحة” وأن الحزب سباق في المال الانتخابي وشراء الذمم وبعيدا من سجالات لا تسمن ولا تؤدي إلى حلول, فإن قضية المواطن عبد الله الساعي الذي حرر وديعته بقوة الحق دخلت منعطفا جديدا وهو إذ سلم نفسه بعد تسليم أمواله لزوجته بدأ معركة الأمعاء الخاوية رفضا لقرار قضائي يجبره على إعادة ما استرده.
والقضاء نفسه لم يحرك ساكنا أمام قضية رأي عام تمثلت في ضياع جنى عمر المودعين لكن الساعي كان وراءه سعاة وهو استقطب تضامنا شعبيا واسعا جعل كل مواطن يقول إن الأموال أصبحت بحوزته.
ما يجري في لبنان في واد والعالم في واد آخر هناك حيث هبت رياح التغيير وخلط الأوراق من الأزمة الأوكرانية إلى ليالي النووي في فيينا وصولا إلى الساحة الحمراء والقمة الثنائية التي جمعت الرئيسين الإيراني والروسي على وقع مناورات روسية إيرانية صينية مشتركة وما على المراقبين إلا تصويب وجوههم نحو الشرق الجديد.