“من دون كفوف”، وضع اجتماع بعبدا كل القيادات السياسية أمام الواقع الاقتصادي والمالي الحالي، وبكل صراحة شرح حاكم مصرف لبنان ووزير المالية ورئيس جمعية المصارف للسياسيين حقيقة الأرقام والواقع المالي.
لم يعد بامكان السياسيين التحجج بشح المعلومات أو حتى تضارب الارقام الرسمية التي في حوزتهم، لعدم المساهمة بالاصلاح الاقتصادي، أضف الى أن الافكار التي وضعت في ورقة بعبدا هي خلاصة اقتراحات عدد كبير من الخبراء غير البعيدين عن الاحزاب وقياداتها، وقد شكلت مرتكزا للاصلاح الاقتصادي، وهي جاءت إما على شكل بنود مررت فورا، لتعبر من حيث المبدأ إلى كل من مجلسي النواب والوزراء لتقر، وإما على شكل بنود لم تمرر، فحولت الى لجنة سيترأسها رئيس الحكومة، تناقش هذه البنود.
السياسيون وضعوا إذا أمام مسؤولياتهم، والورقة المالية لم تعد ملكهم وحدهم، فهي أصبحت تحت مجهر وكالات التصنيف العالمية والدول الخارجية المعنية بالوضع المالي اللبناني،والتي ستراقب عن قرب مدى قدرة المسؤولين على حل معضلتين خطيرتين: مشكلة المالية العامة، والمشكلة الاخطر وهي ميزان المدفوعات والخوف من خروج الودائع المالية من لبنان وشح التدفقات المالية اليه.
أمام هذه المعادلة، كل لبنان في سباق خطير مع الوقت بعدما استسلم الجميع لواقع الاعتراف بالوضع الاقتصادي الخطير والصعب، فهل سيعزز لقاء بعبدا الثقة بامكان طرح الحلول والاهم تطبيقها في المرحلة المقبلة، وهل ستنفذ السلطات البنود الاصلاحية، ام يضيع الانقاذ امام امكان التمييع عبر اللجنة وتسلل السياسة والمصالح الشخصية اليها والى قرارات مجلس الوزراء والنواب؟
العبرة تبقى في التنفيذ، وكما قال بيار دوكان المبعوث الفرنسي المكلف متابعة مقررات مؤتمر سيدر: “اعن نفسك، تعينك السماء”.