IMLebanon

مقدمة نشرة أخبار الـ”LBCI” المسائية ليوم الأحد في 26/06/2022

ما الذي ذكر مفتي الجمهورية، والمفتي الجعفري الممتاز ومتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس بالمثلية الجنسية حتى لم يتركوا وصفا قبيحا الا ونعتوا به المثليين، من الشذوذ، الى الشهوة المنحرفة والخطيئة وصولا الى وصفهم بالجزارين المنحرفين.

باستثناء البطريرك الماروني، الذي لم يتطرق، على الاقل في عظته اليوم، الى الموضوع، يبدو ان المسؤولين الروحيين حددوا وجهة معركتهم المقبلة، فتناسوا سرقة اللبنانيين الموصوفة، وانهيار العملة، والبطالة والجوع والفقر، وركزوا على الاهم. لن نقبل بتغيير القوانين التي سموها طبيعية، وبوضع قوانين مدنية توحد الاحوال الشخصية، وتقر الزواج المدني.

وهنا بيت القصيد. فالقصة ليست قصة تشريع المثلية، ولا احتفالات حزيران التي تحييها، انما القصة: العبور من تقبل المثلية الى توحيد الاحوال الشخصية، وهي  ليست وليدة اليوم. ففي العام 1926 طرحت للمرة الاولى واسقطت بسرعة لتعود الى الواجهة في الاعوام 1950، 1971، 1981 و1989 و1998. وتسقط تباعا تحت ضربات المراجع الروحية كافة. اكثر من خمسين عاما مضى، تخللها حرب بكل فظائعها ولم نتعلم شيئا. لم نتعلم ان توحيد الاحوال الشخصية على اساس علماني ضروري لتكامل المجتمع، من دون ان يتعارض ذلك، ولو في اي شكل من الاشكال مع  المعتقدات الدينية. لم نتعلم من جوزيف مغيزل، ومن ميشال شيحا وصلاح حنين ومن غيرهم الكثيرين من المفكرين الذين عرفوا قبلنا بكثير ان لا ديموقراطية حقيقية في لبنان من دون بلوغ يوم يخضع فيه كل اللبنانيين لقانون موحد يقوم على قاعدة علمانية، كما قال مغيزل. ولم نفهم ماذا اراد ان يقول شيحا عندما كتب: آسف لان المسيحيين والمسلمين في لبنان قادرون على ان يكونوا اخوة وعاجزون عن المصاهرة.

المعركة اليوم، ليست معركة تقبل المثلية، وهي حق شخصي تكفله الشرائع الدولية، انما هي معركة حريات يكفلها الدستور اولا، ومعركة الدفاع عن التنوع والاختلاف ومعركة قيام دولة حقيقية قد يبدأ بناؤها من مجلس النواب، اذا تجرأ ممثلو اللبنانيين على اقرار الزواج المدني ولو الاختياري، الذي لن يكون نزوة، انما ولادة لمؤسسة ستصل باللبنانيين ولو ببطء ولكن بثبات الى دولة واحدة وشعب واحد. المعركة اليوم ليست مع الدين وليست مع تعاليمه التي نمارس ونحترم. المعركة بين من يريد دولة قابلة للحياة واخرى تموت ببطء. دولة لن نتركها تموت. فهي اجمل بكثير من الزوال.