الحكومة قبل عيد الميلاد، وعلى الارجح يوم الجمعة او بأقصى حد السبت المقبل، والوقت حان لإعلانها بعد اشهر على النزاع حولها، اما الساعات الفاصلة عن حكومة العهد الاولى، فمخصصة لاعلان تسمية وزير اللقاء التشاوري، وتوزيع الحقائب بين الافرقاء المعنيين.
بعد ستة اشهر وستة وعشرين يوما على عناد التأليف من قبل كل الافرقاء، من حق اللبنانيين ان يتساءلوا لماذا الآن، حتى ولو أنهم يعرفون مسبقا ان لا احد يملك جرأة قول الحقيقة.
يربط البعض حل العقدة الحكومية بتسارع الحلول المتعلقة بالحكومة العراقية، والتي باتت هي الأخرى, على قاب قوسين من الاكتمال، مع كل ما تحمله من تجاذبات اميركية ايرانية حولها، فيما يعتبر البعض الآخر ان هذا الربط لا يتعدى التحاليل المعقدة، لأن الاجوبة ابسط من ذلك بكثير.
ويضيف هذا البعض، ان البلد اصبح في الاسابيع الاخيرة على شفير الانهيار، واكبر برهان على ذلك التصنيفات المالية السلبية التي كادت ان تجعل من لبنان دولة فاشلة، مع كل ما يتتبع ذلك من انهيار اقتصادي ومالي وبالتأكيد اجتماعي .
أضيف اليه، التطور الخطير على الساحة الجنوبية مع العدو الاسرائيلي، الذي يحاول جر لبنان، عبر مسألة الانفاق، الى مواجهة ديبلوماسية، أولى معاركها خيضت منذ عصر اليوم في الامم المتحدة، وربما حتى مواجهة امنية لا تعرف حدودها، لا سيما بعد ورود معلومات عن تباين في وجهات النظر حول لبنان، ظهر للمرة الاولى بين الادارة الاميركية وتل ابيب، التي طالبت واشنطن بممارسة الضغوط على الحكومة اللبنانية لتضييق الخناق على حزب الله ووقف المساعدات الاميركية للجيش اللبناني، الامر الذي لم يلق آذانا صاغية في واشنطن.
هذا التباين ظهر جليا في جلسة مجلس الامن التي انتهت منذ قليل ، ولم يصدر عنها اي قرار او حتى بيان، وقد تمكن لبنان خلال الجلسة من الحفاظ على موقفه، فأنتزع اجماعا دوليا على ضرورة تشكيل الحكومة، ودعم الجيش اللبناني، فيما طالب بعض الدول بأن يحقق الجيش اللبناني بموضوع انفاق حزب الله.
ابلغ اللبنانيون ان الوقت صار عدوهم، وان الحكومة اصبحت ضرورة، وفهم الجميع ان لا مجال لمزيد من التعت : اولا، لأن الوضع الجنوبي في حاجة الى حل ولعل مداولات جلسة مجلس الامن خير دليل على ذلك، وثانيا لان سقوط مبادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الحكومية يعني اخذ البلاد الى مكان خطير.
عند هذه النقطة، تهاوت لعبة الدومينو المحلية، وتسارعت الامور بشكل دراماتيكي تحديدا اعتبارا من يوم الجمعة الفائت، عندما تكثفت الاتصالات وشارك فيها الرؤساء الثلاثة، واتخذ القرار بالاسراع في التأليف، فسقطت كل اللاءات وصولا الى ما نحن عليه اليوم.
في كل ما تقدم، جواب ولو غير مكتمل عن لماذا حلت العقدة الحكومية الآن، واللبنانيون الذين إعتادوا طي صفحات مشاكلهم من دون حلها، سيفتحون صفحة امل جديدة بالحكومة المرتقبة، علها تعوضهم عن خسائر يتحمل مسؤوليتها كل من شد العقدة الدرزية، والعقدة المسيحية والعقدة السنية، اما أعينهم كلهم، فعلى الوزراء المرتقبين، والذين قال الوزير باسيل اليوم إن من حق اللبنانيين ان يكونوا ” فهمانين ” ملفاتهم ووزاراتهم، ولهذا الحديث تتمة .